ثم إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أنكر عليهم صنيعهم هذا وبَيَّنَ سُنَّتِه وجَلَّاها, فقال: «لَكِنِّي أصوم وأُفطر، وأُصلي وأرقد، وأتزوج النِّساء، فمن رَغِبَ عن سُنَّتِي فليس مِنِّي» والرغبة عن السنة مُوقِع في البدعة.

والأصل في ذلك: قول الله - تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87] حيث نهى أوَّلًا عن تحريم الحلال ثم جاءت الآية تشعر بأن ذلك اعتداء لا يحبه الله، وذلك أن التَّرك المقصود معارضة للشارع في شرع التحليل.

ومما يَحْلَق بهذا النوع من التَّرك: الاقتصار في الملبس على الخشن من غير ضرورة، أو الاقتصار على البشيع في المأكل من غير عذر فإنه تَنَطُّع؛ لأنه من قبيل التشديد والتَّنَطُّع المذموم، وفيه أيضًا مَنْ قصد الشهرة ما فيه، وهذا كله قد يفضي إلى الوقوع في الغلو المنهي عنه.

رابعًا: متى يصير الترك معصية (?).

يُعَدُّ التَّرْكُ معصية: إذا تُرِكَ ما هو مطلوب في الشرع كَسَلًا أو تضييعًا أو عبثًا، فهذا الضرب من التَّرْكِ راجع إلى مخالفة أمر الشارع, فإن كان في أمر يفيد الوجوب فالتَّرك يكون حينئذ معصية؛ كَتَرْك الطَّعام يوم العيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015