أصحابِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أشدَّ تشميراً، ولا أقومَ على ضيفٍ منه، فبينما أنا عِنْده يوماً وهو على سَرِيرٍ له، ومعه كِيْسٌ فيه حصى، أو نوى، وأسفل منه جاريةٌ له سَوْدَاءُ وهو يُسبِّح بها، حتى إذا أنفَدَ ما في الكِيس، ألقاه إليها فجمعتْه فأعادتْه في الكِيس، فدفعته إليه، فقال: ألا أحَدِّثُك عنِّي وعن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ قال: قلت: بلى، قال: بينا أنا أوعَكُ في المسجد، إذ جاء رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتَى دَخَلَ المسجدَ، فقال: "مَنْ أحسَّ الفَتَى الدَّوْسيَّ؟ " ثلاثَ مرَّات، فقال رجل: يا رسول الله هو ذا يوعَكُ في جانِب المَسجِد، فأقبل يمشي حتَّى انتهى إليَّ، فوَضَعَ يدَه علي، فقال لي معروفاً، فنَهَضْتُ، فانطلقَ يمشي حتَّى أتى مقامَه الذي يُصلي فيه، فأقبل عليهم ومعه صَفَّان مِن رجالٍ وصَفٌّ مِن نساءٍ أو صفَّان مِن نساء وصَفٌ مِن رجال، فقال: " إن نسَّاني الشيطانُ شيئاً مِن صلاتي، فليسبحِ القومُ وليُصفِّق النساء" قال: فصلى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ولم يُنَسَّ مِن صلاته شيئاً، فقال: "مَجالِسَكم مَجالِسَكم" - زاد موسى ها هنا: ثم حَمِدَ الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد" ثم اتفقوا - ثم أقبل على الرِّجال، فقال: "هَلْ منكم الرجلُ إذا أتى أهله، فأغلَقَ عليه بابَه، وألقى عليه سِتْرَه، واستتر بستر الله؟ " قالوا: نعم، قال: "ثم يجلسُ بعد ذلك فيقول: فعلتُ كذا، فعلتُ كذا" قال: فسكتوا، قال: فأقبلَ على النساء فقال: "هلْ مِنكن مَنْ تُحدِّث؟ " فسَكَتْنَ فجثت فتاة - قال مؤمل في حديثه: فتاة كَعَابٌ - على إحدى رُكبتيها، وتطاولَت لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ليراها ويَسمَعَ كَلامَها، فقالت: يا رسول الله، إنهم لَيتحَدَّثون، وإنهُنَّ ليتحدَّثْنَه، فقال: "هل تدرون ما مثل ذلك؟ " فقال: "إنما مَثَلُ ذلك مَثَلُ شيطانةٍ لَقِيتْ شيطاناً في السِّكةِ، فقَضَى منها حاجَتَه والناسُ ينظرون