وقد كان الإمامُ أبو داود مِن أولئك الذي آثَرُوا الرِّحْلَةَ في طلب العلم على البقاء في الأوطان، فبعد أن تلقَّى مبادئ العلوم في سِنٍّ مبكرة، وكتبَ الحديثَ في بلده سجستان والمناطق المجاورة، امتدت أنظارُه إلى عاصمة الدولةِ الإسلامية آنذاك بغداد، حيث كانت مِن حواضر العلم، وبالرغم من بُعد الشُّقة والمسافاتِ الشاسعةِ رَحَلَ إليها وهو في مقتبل عُمره لم يجاوز الثامنة عشرة، فقد أخبر عن نفسه أنه وصل بغداد سنة عشرين ومئتين (?).

قال أبو عبد الله الحاكمُ: أبو داود إمامُ أهلِ الحديث في عصره بلا مُدافَعَةٍ: سماعه بمصر والحجاز والشام والعِرَاقَيْنِ وخراسان، وقد كتب بخراسانَ قبلَ خروجه إلى العراق في بلدهِ وهَراة، وكتب ببَغْلان عن قُتيبة (هو ابن سعيد)، وبالري عن إبراهيمَ بنِ موسى ... وقد كان كتب قديماً بنَيسابور (?).

وقال الحافظ المزي: وكان أبو داود أحد من رحَلَ وطوَّف، وجمع وصنف، وكتب عن العراقيين والخراسانيين، والشاميين والمصريين، والجزريين والحجازيين وغيرهم (?).

وقال الحافظ الذهبي تعليقاً على قولِ أبي داود: ودخلت البصرةَ وهم يقولون: أمسِ مات عثمانُ بنُ الهيثم المؤذن، فسمعتُ مِن أبي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015