لقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأعلى درجات التسامح فقال له تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (?) وقال أيضًا: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} (?) ومعنى العفو: ترك المؤاخذة بالذنب، ومعنى الصفح: ترك أثره من النفس (?) وكونه لم يبق أثره في النفس قمة في التسامح وهو بغية المؤمن الذي يدعو الله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} (?) .
ومن نعم الله علينا وعلى الإنسانية إرسال نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحاء رحمة للعالمين، وهذه الرحمة ذات صور من الود والتسامح والعفو والتناصح تضافرت نصوصها من القرآن والسنة، وتجسدت مرحلتها الأولى في المدينة النبوية من خلال تعامله صلى الله عليه وسلم مع المسلمين وغيرهم فقد اجتمعت الأقوال والأفعال فإذا بقاموس يشتمل على جميع مفردات السماحة يتحرك في شتّى نواحي الحياة.