إن هذا المنهج العملي والقولي في التسامح والارتقاء فوق حظوظ النفس يؤتي أكله كل حين بإذن الله تعالى، فقد أثّر في نفوس الصحابة صلى الله عليه وسلم والتابعين رحمهم الله ومن جاء بعدهم إلى يومنا هذا نرى صورًا ونماذج من التسامح التي ازدانت بها صفحات التاريخ كالخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه في لون آخر من التسامح مع المشركين فقد أخرج البخاري بسنده عن عبد الله بن دينار قال: " سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: «رأى عمر حلة سيراء (?) تباع، فقال: يا رسول الله، ابتع هذه والبسها يوم الجمعة وإذا جاءك الوفود، قال: إنما يلبس هذه من لا خلاق له، فأُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم منها بحلل فأرسل إلى عمر بحلة فقال: كيف ألبسها وقد قلت فيها ما قلت؟ قال: إني لم أعطكها لتلبسها، ولكن لتبعها أو تكسوها، فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم» (?) .
وهذا أنموذج آخر في زمن معاوية رضى الله عنه فإن الكفار لمّا نقضوا عهدهم امتنع المسلمون من قتالهم وقالوا: وفاء بغدر خيرٌ من عذر بغدر (?) .