على يدي زكريا علي إبراهيم أفندي، ونَفَس زاده مصطفى أفندي (ت 11 ذو القعدة 1011 ص) (?)، واكتفى بحفظ نصف القرآن.

وقرأ بعد ذلك كتابي التصريف والعوامل على إلياس خوجه، وتعلم الخط على يدي

الخطاط أحمد جلبي الأحدب (بوكرى) (?). ولما بلغ الرابعة عشرة من عمره بدأ والده يمنحه مصروفًا يوميًا قدره أربعة عشر درهمًا من راتبه، ثم اصطحبه إلى جانبه. وعلى هذا النحو انخرط للعمل مساعدًا (شاكرد) في "قلم محاسبة الأناضول" أحد أقلام الديوان الهمايوني (?) (1032 هـ / 1622 - 1623 م). وهناك تعلم مبادئ الحساب من أحد خلفاء القلم، وتعلم معها الأرقام وخط "السياقت" (?) فأجاده حتى تقدم على أستاذه، أي "الخليفة" نفسه. ولما غادر الجيش إستانبول عام 1033 هـ / 1623 - 24) لإخماد ثورة أباظة باشا سافر مع والده ليشارك في حملة ترجان. وكان آنذاك في آلاي السلحدار. وفي الوقت الذي حمي فيه وطيس الحرب مع اباظة باشا بالقرب من قيسري في 22 ذي القعدة 1033 هـ (7 سبتمبر/ أيلول 1624 م)، سنحت له الفرصة من فوق ربوة عالية "أن يشهد بعينيه عن كثب أحوال تلك الحرب".

ويقول في كتابه (فذلكه) وهو يروي قصة المعركة تلك مجددًا بها الذكرى: "وكان الفقير [يقصد نفسه كعادة العلماء العثمانيين عند الحديث عن أنفسهم تواضعًا] واقفا في ذلك المحل، فرأيت الباشا المرحوم الصدر الأعظم (طباني ياصِّى محمد باشا) وقد وضع على رأسه خوذة محلاة بماء الذهب، ولا يزال صليل رمحه في أذني إلى الآن". وشارك كاتب جلبي في حملة العراق عام 1035 هـ ـ (1625 - 1626 م)، وفي 12 رمضان من نفس العام (7 يونية / حزيران 1626 م) فتسلق برجًا عاليًا خلف جناح السلحدارية، وشاهد سير المعركة، وكانت طلقات المدافع من برج الأعاجم تمر من فوقه، رغم بعد المسافة (?). واستمر الحصار هناك تسعة أشهر، وشهد بعينيه كيف تكون ضراوة الحروب. ونتيجة لغلبة الخصم بسبب القحط انقطع الأمل وبدأت رحلة العودة، وعندها عانى من الضيق أعظمه مع الجميع. ولكنه راح يسلي نفسه متعللًا بأن البلية إذا عمت طابت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015