إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس وشرح الله هذه الصدور، وأسأل الله جل وعلا أن يتقبل مني وإياكم صالح الأعمال، وأن يجمعنا وإياكم في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع إمام النبيين في جنته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أيها الأحبة! إننا اليوم على موعد مع اللقاء السابع عشر مع أئمة الهدى ومصابيح الدجى.
أحبتي في الله! إن السنة هي الباب العظيم الذي من دخله كان إلى الله جل وعلا من الواصلين، وهي الحصن الحصين الذي من دخله كان من الآمنين، فالسنة تقوم بأهلها وإن قعدت بهم أعمالهم، والسنة تنير لأهلها إذا انطفأت على أهل البدع والنفاق أنوارهم، قال الله عز وجل: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران:106] ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف، وتسود وجوه أهل البدعة والاختلاف.
فأهل السنة هم أهل الهدى ودين الحق، وهم أصحاب العلم النافع والعمل الصالح.
أهل السنة هم الذين صدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله ولم يعارضوها بالشبهات، وهم الذين أطاعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوامره ولم يضيعوها بالشهوات، فأهل السنة -أيها الأحبة- هم الذين صحبوا أنفاس الحبيب المصطفى في الدنيا، وهم أهل السعادة بصحبة أنفاسه ونفسه في جنات النعيم في الآخرة.