أيها الأحباب! وأما القاعدة الثانية التي أريد أن أقعدها لطلبة العلم خاصة وللمسلمين عامة واحفظوها وعوها في قلوبكم، ألا وهي: أن سنة سلفنا الصالح رضي الله عنهم جميعاً هي: عدم التعرض للظنون والأوهام والكهانات من العلماء المشهود لهم بالخير والبر والتقى والصلاح.
وهذه قاعدة نحن في أمس الحاجة إليها خاصة في هذه الأيام؛ لأننا نرى موجة عارمة عاتية من السخط والكلام ونهش لحوم العلماء على الرغم من أن هذا الذي يتكلم فيهم من أجهل الناس ومع ذلك يتطاول على أفضل الناس على ظهر الأرض بعد الأنبياء بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم يكون جاهلاً ويجلس في المجلس ليتطاول على أهل الفضل والخير والبر والتقى والصلاح.
أقول: إن سنة سلفنا الصالح هي: عدم التعرض للظنون والأوهام والجهالات للعلماء المشهود لهم بالبر والخير والتقى والصلاح، واعلم بأن لحوم العلماء مسمومة، كما ورد في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى في الحديث القدسي الجليل: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب) .
وروى الخطيب البغدادي بسنده عن أبي حنيفة والشافعي أنهما قالا: (إن لم يكن الفقهاء -في قول للشافعي - إن لم يكن الفقهاء العاملون هم أولياء الله فليس لله في أرضه ولي) .
إن لم يكن الفقهاء والعلماء هم أولياء الله جل وعلا فمن يكون الولي إذاً؟ {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:62] فهؤلاء هم أولياء الله بشهادة الله جل وعلا.
أيها الأحبة! اسمعوا إلى هذه القولة الرائعة من ابن عساكر رحمه الله وطيب ثراه، يقول: (اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلني الله وإياك فيمن يخشاه ويتقيه حق تقاته، اعلم أن لحوم العلماء مسمومة، وأن عادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالسلب بلاه الله قبل موته بموت القلب) .
يخشى على من ينهش لحوم العلماء في كل ساعة وحين أن يختم له بسوء الخاتمة والعياذ بالله، فمن أطلق لسانه في العلماء بالسلب بلاه الله قبل موته بموت القلب.