واقتنع الجميع، واتفق الطرفان على الصلح، واصطف الفريقان للصلح في الصبح الباكر وبات الفريقان بخير ليلة وأسعد ليلة.
بات قتلة عثمان بشر ليلة، -انظروا من أين تأتي الفتن؟ - وعلى رأسهم ابن السوداء عبد الله بن سبأ اليهودي الذي قال قولة عجيبة: والله إن علياً هو أعلم الناس بكتاب الله من المطالبين بدم عثمان , وغداً يتفق الفريقان على الصلح ويجمع علي الناس عليكم، وإن القوم جميعاً لا يطلبون إلا أنتم, فوالله لئن كان ذلك لنلحقن علياً بـ عثمان , فأجمعوا الأمر وفكروا ما الذي نفعل وما الذي نصنع! فاتفقوا جميعاً على أن ينقضوا في ظلمة الليل البهيم الدامس على فريق علي وعلى فريق طلحة والزبير ليضربوهم وليقاتلوهم ليظن كل فريق من الفريقين في ظلمة الليل أن أمر الصلح الذي كان بالأمس إنما هو خدعة, وأن كل فريق من الفريقين قد غدر بالآخر, ونشب القتال كفوران ماء يغلي بدون أسباب منطقية إطلاقاً، ونشبت موقعة الجمل الضارية التي صرخ فيها علي بن أبي طالب وهو يقول: [والله لوددت أني قد مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة] .
وانتهت المعركة سريعاً كما بدأت سريعاً وذهب علي بنفسه إلى أم المؤمنين عائشة ليطمئن عليها, فقال لها: السلام عليك يا أماه! كيف حالك؟ فقالت: بخير.
فقال علي: غفر الله لك, وأمدها بالمراكب والمتاع وسير معها محمد بن أبي بكر رضي الله عنه إلى مكة ثم إلى المدينة.