من شرف النفس عند السلف أنهم كانوا يربون الصغار على معرفة قدر النفس، وأن لا ينزلها المرء منازل الذل والهوان، ومن هذه الأمثلة ما قاله زياد بن ظبيان وهو يجود بنفسه لابنه عبيد الله: ألا أوصي بك الأمير زياداً؟ فقال: يا أبتي! إذا لم يكن للحي إلا وصية الميت فالحي هو الميت.
يعني بذلك أن في ذلك انتقاصاً من قدره هو.
قال الشاعر: إذا ما الحي عاش بعظم ميت فذاك العظم حي وهو ميت وقال معاوية لـ عمرو بن سعيد وهو صبي: إلى من أوصى بك أبوك؟ فقال: إن أبي أوصى إلي ولم يوص بي.
أي: أوصاني بأشياء وكلفني بها ولم يوص بي.
قال: وبم أوصى إليك؟! قال: أن لا يفقد إخوانه منه إلا وجهه.
يعني: أن يتفقد إخوان أبيه وأصدقاء أبيه بأن يحسن إليهم ويصلهم كما كان يفعل أبيه، فلا يغيب عنهم من أبيه إلا جسده فقط، وأما إحسانه فيبقى.