أثر عن العرب أخبار كثيرة فيها إعظامهم شرف النفس، فمن ذلك أنه حكى العتبي عن أبيه قال: أهدى ملك اليمن عشر جزائر إلى مكة -والجزائر جمع جزور، وهو ما يصلح لأن يذبح من الإبل- وأمر أن ينحرها أعز قرشي، فقدمت وأبو سفيان عروس بـ هند بنت عتبة، وحينئذ لم يكن يخرج من بيته، فقالت له زوجته: أيها الرجل! لا يشغلنك النساء عن هذه المكرمة التي لعلها أن تفوتك! لأن ملك اليمن اشترط أن لا ينحرها إلا أعز رجل في قريش، فـ هند بنت عتبة كانت من النساء العاليات الهمة، فقالت له: أيها الرجل! لا يشغلنك النساء عن هذه المكرمة التي لعلها أن تفوتك.
فبماذا أجابها أبو سفيان؟ قال لها: يا هذه! دعي زوجك وما يختاره لنفسه، والله ما نحرها غيري إلا نحرته.
فقد كان أهل قريش يعرفون جيداً من هو أعز رجل فيهم، فبقيت الجزائر في عقلها -والعقل: جمع العقال، وهو الحبل الذي يعقل به البعير- حتى خرج أبو سفيان في السابع فنحرها.