وعلى سنن من سبق مضى شيخ الطب في زمانه ابن النفيس رحمه الله، يقول عنه الإمام التاج السبكي: وأما الطب فلم يكن على وجه الأرض مثله، قيل: ولا جاء بعد ابن سيناء مثله.
قال: وكان في العلاج أعظم من ابن سيناء.
هذا الطبيب الرائد ابن النفيس صنف كتاباً في الطب سماه: (الشامل)، يقول فيه التاج السبكي: لو تم لكان ثلاثمائة مجلد، تم منه ثمانون مجلداً، وكان -فيما يذكر- يملي تصانيفه من ذهنه.
فكيف تم له ذلك؟ ومن أين له هذه المنزلة؟! لقد كان -رحمه الله تعالى- إذا أراد التصنيف توضع له الأقلام مبرية، ويدير وجهه إلى الحائط، ويأخذ في التصنيف إملاءً من خاطره، ويكتب مثل السيل إذا انحدر، فإذا كل القلم وحفي فليس عنده وقت يبري القلم، وإنما يرمي القلم ويتناول غيره؛ لئلا يضيع زمانه في بري القلم.