ويروي الخطيب البغدادي أن أبا جعفر الطبري قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ فقال: ثلاثون ألف ورقة.
فقالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه.
يعني: أن عنده من العلم في التفسير ما يملأ ثلاثين ألف ورقة، فلما وجد هؤلاء الطلبة أو هؤلاء الأصحاب غير نشطين اختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة، فكم الفرق بين ثلاثة آلاف وثلاثين ألف ورقة؟! إنه عشرة أضعاف، وهو الآن يقع في ثلاثين مجلداً، ولو كان هؤلاء الطلاب أو الأصحاب أكثر همة لكان الثلاثون مجلداً ثلاثمائة مجلد! ثم حاول معهم مرة ثانية، فقال: هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟! أي: هل عندكم همة أملي عليكم تاريخ العالم منذ إهباط آدم الأرض إلى يومنا هذا؟ قالوا: كم قدره؟ فذكر نحو ما ذكره في التفسير وقال: ثلاثون ألف ورقة.
فردوا مثل ذلك، فقال: إنا لله! ماتت الهمم.
ثم إنه جعله على نحو قدر التفسير، وهو تاريخ الطبري المعروف.
وألف الإمام البيهقي ألف جزء كلها محررة نادرة المثال، كثيرة الفوائد، وأقام يصوم ثلاثين سنة.