وهذا أنموذج من نماذج علو الهمة في النفقة في سبيل الله وفي الإيثار: فقد جاء إلى عبد الله بن طالب رجل يشكو إليه أنه لا يجد لابنته جهازاً يجهزها به لزواجها، وكان لـ ابن طالب ابنة تخرج إليه من وقت إلى آخر تزوره، فقال لأمها: أحب أن تزيني ابنتي وتلبسيها ثيابها وحليها.
ففعلت، وأخرجتها إليه، فرحب بها واستبشر، ثم قال لها ولأمها: إن فلاناً شكا إلي كذا -يعني: شكا إلي أنه لا يجد جهازاً لابنته التي ستتزوج- وأنا أحب أن أدفع له جميع ما على ابنتي من حلي وثياب يجهز به ابنته، وعلي أن أعوض ابنتي منه بما هو أكثر.
يعني: أدفع لهذا الرجل الآن كل ما تحمله ابنتي من الحلي والذهب، وألتزم بأن أعوضها بما هو أكثر من ذلك فيما بعد، فدفعها له.
واحسرتاه! تقضى العمر وانصرمت ساعاته بين ذل العجز والكسل والقوم قد أخذوا درب النجاة وقد ساروا إلى المطلب الأعلى على مهل وقال الآخر: هم الرجال وعيب أن يقال لمن لم يتصف بمعاني وصفهم رجل أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، سبحانك -اللهم- ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.