ومن نماذج الحرص على الدعوة وعلو الهمة أن أخاً مؤذناً أصابه حزن شديد حين أذيع أو أشيع في بعض الأوقات أن برج الساعة المشهور في لندن والملحق بمبنى البرلمان بدأ يميل وأنه مهدد بالانهيار، فهذا الأخ المؤذن لما سمع بذلك حزن حزناً شديداً، وعلته الكآبة، فسأله إخوانه: ما سبب حزنك وكآبتك؟ فقال: ما زلت أؤمل أن يعز الله المسلمين ويفتحوا بريطانيا، وأصعد على هذا البرج كي أؤذن فوقه.
فبدأ يقلق لما بدأ الكلام يكثر في أن البرج قد ينهار، فخشي أن هذا الأمل الذي يراوده قد ينهار مع انهيار هذا المبنى.
وأنا أعرف أخاً أمريكياً من أصل أسباني أسلم لله سبحانه وتعالى وحسن إسلامه، ويعيش في مدينة نيويورك، وزوجته أمريكية أسلمت أيضاً، وهي منقبة، فانتدب هذا الشخص نفسه للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، فكان يخرج للدعوة أسبوعياً، وكان كل أسبوع يخرج هو وزوجته يوم الأحد، ويقفان أمام الكنيسة في البرد وفي الثلج، فهو يلتقط ويصطاد الرجال ويدعوهم إلى التوحيد، سواء من الخارجين أو من الداخلين إلى الكنيسة، وهي تلتقط النساء وتخاطبهن أيضاً وتدعوهن إلى التوحيد.
وهناك أخ آخر يعيش في ألمانيا ممن يجتهدون في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، حتى ما يكاد يذوق طعماً للراحة؛ لأن الدعوة استحوذت على كل كيانه، حتى أرهق نفسه وشغل عن بيته وأهله وولده، فأشفق عليه إخوانه، ورأوا أن يجبروه على قبول عطلة أو إجازة كي يستريح فيها قليلاً من العناء الذي يعيش فيه، فأخذوه في صحبة أسرته إلى منتجع بعيد لا يعرفه فيه أحد، ولا يعرف هو فيه أحد كي يهنأ ببعض الراحة، ووعدوه أنهم بعد عدة أيام سيعودون لإرجاعه من هذا المكان، ولما رجعوا إليه وجدوه قد أسس جمعية إسلامية في هذا المكان قوامها بعض العمال المغاربة وغيرهم ممن انقطعت صلته بالدين.
وكان يبحث في المقاهي التي عمالها من المغاربة الذين انقطعت صلتهم بالدين وذابوا في المجتمع الكافر، ففتش عنهم في مظان وجودهم، ودعاهم إلى الله سبحانه وتعالى، وألف بينهم، فأقاموا هذه الجمعية، وأقاموا مسجداً انطلقت منه فيما بعد الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى في تلك البلدة.