اجتهد علماء المسلمين منذ فجر الإسلام في الكشف عن النابغين وكبيري الهمة، خاصة من الناشئين، وذلك لأنهم كانوا يدركون أنهم سبقوا كل المناهج العصرية أو الحديثة بمئات السنين، وما نشأ اهتمام السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم ومن بعدهم من الخلف بهذه القضية إلا لأن كبار الهمة أو النابغين يختصرون الطريق على الأمة؛ لأن هؤلاء بما لهم من خصائص وميزات يختصهم الله سبحانه وتعالى بها إذا صلح واحد منهم فإنه يَصلحُ به خلق كثير، فلذلك ركز العلماء على اختصار الطريق إلى المجد وإلى عزة المسلمين عن طريق البحث عن هؤلاء الفائقين أو النابغين من كبيري الهمة؛ لأن الله سبحانه وتعالى يميز هؤلاء بمواهب واستعدادات فطرية، وخصائص ذاتية متميزة، فهم ليسوا مجرد أشخاص ماهرين في أداء اختبارات معينة أو مهارات من نوع خاص، لكن هؤلاء يخلقهم الله سبحانه وتعالى ويرزقهم خصائص شخصية واجتماعية وبدنية تفوق ما عند أقرانهم العاديين، ومن أهم هذه الخصائص -وإن كان هذا ليس من صلب بحثنا، وإنما هو إشارة عابرة- سلامة البدن من العاهات أو الآفات، وقوة الذاكرة، وسرعة التعلم، والتفوق في التحصيل الدراسي، وحب الاستطلاع، والدافعية للإنجاز، فالواحد منهم عنده قوة وهمة لأن ينجز ما يظنه غيره مستحيلاً، فيكون عنده عزيمة وتصميم وهمة، بحيث يكون -في الغالب- مستعداً لأن يتحدى العالم أجمع في سبيل أن يفرض عليه ما يعتنقه من أفكار.
وكذلك من خصائصهم الثقة بالنفس، فلا يكون مصلحاً من هو عاجز أو متواكل أو هياب يخاف من تحمل المسئولية ويهابها.
ومن خصائصهم الاستقلالية، وذلك لأنه يكون عندهم النزعة الاستقلالية، فلا ينقادون بسهولة، ولا يقلدون، ولا يكون إمعات.
ومن خصائصهم المثابرة والتفوق في القيم النظرية، وفي الميول العلمية، والنضوج الاجتماعي، والنشأة في ظروف اجتماعية كبيرة، وبهذا الاختصار أشرنا إلى بعض الخصائص التي يتميز بها كبيرو الهمة.