ومن الناس مَن يدخل في الإسلام على ضعف وشكٍّ، فيعبد الله على تردده، كالذي يقف على طرف جبل أو حائط لا يتماسك في وقفته، ويربط إيمانه بدنياه , فإن عاش في صحة وسَعَة استمر على عبادته , وإن حصل له ابتلاء بمكروه وشدة عزا شؤم ذلك إلى دينه , فرجع عنه كمن ينقلب على وجهه بعد استقامة، فهو بذلك قد خسر الدنيا؛ إذ لا يغيِّر كفرُه ما قُدِّر له في دنياه , وخسر الآخرة بدخوله النار، وذلك خسران بيِّن واضح.

(35) فِتْنَةٌ = شرّ أو ضرّ

قال تعالى:

{وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}

الزلزلة الآية 8

ومن يعمل وزن نملة صغيرة شرًا , ير عقابه في الآخرة.

{لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}

الحج 53

وما كان هذا الفعل مِنَ الشيطان إلا ليجعله الله اختبارًا للذين في قلوبهم شك ونفاق، ولقساة القلوب من المشركين الذين لا يؤثِّرُ فيهم زجر. وإن الظالمين مِن هؤلاء وأولئك في عداوة شديدة لله ورسوله وخلافٍ للحق بعيد عن الصواب.

(36) فِتْنَةً = استدراج وإضلال

المعنى 36 مشترك مع المعنى رقم 43 في سورة الأنبياء و33 في سورة طه رجاءا

قال تعالى:

{وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}

الزخرف 36

ومن يُعْرِض عن ذكر الرحمن , وهو القرآن , فلم يَخَفْ عقابه , ولم يهتد بهدايته , نجعل له شيطانًا في الدنيا يغويه; جزاء له على إعراضه عن ذكر الله , فهو له ملازم ومصاحب يمنعه الحلال , ويبعثه على الحرام.

قال تعالى:

{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً}

مريم 83

ألم تر - أيها الرسول - أنَّا سلَّطْنا الشياطين على الكافرين بالله ورسله; لتغويهم , وتدفعهم عن الطاعة إلى المعصية؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015