يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في جحود نبوتك من المنافقين الذين أظهروا الإسلام وقلوبهم خالية منه , فإني ناصرك عليهم. ولا يحزنك تسرُّع اليهود إلى إنكار نبوتك , فإنهم قوم يستمعون للكذب , ويقبلون ما يَفْتَريه أحبارُهم , ويستجيبون لقوم آخرين لا يحضرون مجلسك , وهؤلاء الآخرون يُبَدِّلون كلام الله من بعد ما عَقَلوه , ويقولون: إن جاءكم من محمَّد ما يوافق الذي بدَّلناه وحرَّفناه من أحكام التوراة فاعملوا به , وإن جاءكم منه ما يخالفه فاحذروا قبوله , والعمل به. ومن يشأ الله ضلالته فلن تستطيع - أيها الرسول - دَفْعَ ذلك عنه , ولا تقدر على هدايته. وإنََّ هؤلاء المنافقين واليهود لم يُرِدِ الله أن يطهِّر قلوبهم من دنس الكفر , لهم الذلُّ والفضيحة في الدنيا , ولهم في الآخرة عذاب عظيم.
(8) فِتْنَتَهُ = ضلالته
وقال تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}
الآية 49
واحكم - أيها الرسول - بين اليهود بما أنزل الله إليك في القرآن , ولا تتبع أهواء الذين يحتكمون إليك , واحذرهم أن يصدُّوك عن بعض ما أنزل الله إليك فتترك العمل به , فإن أعرض هؤلاء عمَّا تحكم به فاعلم أن الله يريد أن يصرفهم عن الهدى بسبب ذنوبٍ اكتسبوها من قبل. وإن كثيرًا من الناس لَخارجون عن طاعة ربهم.
(9) يَفْتِنُوكَ = يصدُّوك
وقال تعالى:
{وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} الآية 71