روى ابن إسحاق بسند جيد -وإن كان بعض أهل العلم قد ضعف السند من باب الأمانة العلمية- (أن عمير بن وهب جلس مع صفوان بن أمية بعد غزوة بدر في حجر إسماعيل في بيت الله الحرام، فتذاكرا ما كان في بدر، وتذكرا هزيمتهم المنكرة في بدر، فقال عمير لـ صفوان: والله لولا دين علي، وعيال عندي أخشى عليهم الضيعة بعدي؛ لركبت إلى محمد لأقتله؛ وكان ابن وهب بن عمير أسيراً في المدينة بعد غزوة بدر، فالتقطها صفوان وقال: دينك علي، وعيالك عيالي، أواسيهم بمالي، ولا أمنع شيئاً عنهم، واركب إلى محمد فاقتله، فقال له: فاكتم هذا الخبر، ولا تخبر به أحداً، وتعاهدا على ذلك، وعاد عمير بن وهب إلى بيته؛ فشحذ سيفه، وأغرقه في السم، وانطلق إلى المدينة ليقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما وصل إلى باب المسجد النبوي أناخ راحلته، وشد سيفه، وانطلق، فرآه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو صاحب الفراسة وصاحب الفطنة والذكاء، فقال عمر رضي الله عنه: هذا عدو الله عمير بن وهب، والله ما جاء إلا لشر؛ فلببه عمر بثيابه -خنقه-، وجره بثيابه حتى أوقفه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وظل عمر ممسكاً بمجامع ثوبه حتى قال النبي لـ عمر: أرسله يا عمر -اتركه- فوقف عمير بن وهب بين يدي الحبيب صلى الله عليه وسلم؛ فقال له النبي: ما الذي جاء بك يا عمير؟ قال: ولدي أسير عندكم، وجئت إليكم لتحسنوا إلي في فدائه، فقال له النبي: فما بال السيف في عنقك؟ قال: قبحها الله من سيوف؛ وهل أغنت عنا شيئاً يوم بدر؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اصدقني يا عمير ما الذي جاء بك؟ قال: ما جئت إلا لهذا، فقال الصادق الذي لا ينطق عن الهوى: بل جلست مع صفوان في حجر إسماعيل، وذكرتما بدراً، وقلت لـ صفوان: لولا دين علي، وعيالٌ أخشى عليهم الضيعة بعدي؛ لركبت إلى محمد لأقتله.
فقال لك صفوان: دينك علي، وعيالك عيالي، أواسيهم بمالي، ولا أمنع شيئاً عنهم، واركب إلى محمدٍ فاقتله، وتعاهدتما على الكتمان، فشحذت سيفك، وأغرقته في السم، وأتيت إلى هنا لتقتلني، لكن الله حائل بينك وبين ذلك، فقال: أشهد أنك رسول الله، والله لا يعلم بهذا الخبر أحد إلا أنا وصفوان؛ فأحمد الله الذي ساقني هذا المساق، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خذوا أخاكم وعلموه القرآن ... ) .