وإن النبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا بعلامة نبوية أكيدة إن وقعت علمنا أن هذا الذي خرج في مكة شرفها الله هو المهدي عليه السلام.
وأما كيف نعرفه؟ فقد روى البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (عبث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً في منامه، فقلت: يا رسول الله! رأيتك صنعت شيئاً لم تكن تفعله -أي: إن الحركة هذه على غير عادتك -فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وقال: العجب أن ناساً من أمتي يؤمون البيت الحرام -يعني: يقصدون البيت الحرام- لرجل من قريش عائذاً بالبيت، -يعني: ملتجئاً بالبيت- حتى إذا كانوا- يعني: الناس الذين خرجوا- ببيداء من الأرض -أي: في صحراء- خسف الله بهم) فهذه هي العلامة النبوية، وهي: الخسف، والسيدة عائشة الفقيهة البليغة تقول: (يا رسول الله! إن الطريق قد يجمع الناس، قال: نعم، فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل، يهلكون مهلكاً واحدا، ً ويصدرون مصادر شتى، يبعثهم الله على نياتهم) فكل يبعث على نيته التي مات عليها، وفي رواية مسلم من حديث حفصة أم المؤمنين رضي الله عليها أنه صلى الله عليه وسلم قال: (يعوذ قوم من أمتي بالبيت -يعني: يلجئون إلى البيت- ليست لهم منعة -مساكين- ولا عدد ولا عدة، فيبعث إليهم جيش، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم) ، وفي رواية في صحيح مسلم: (فلا يبقى منهم إلا الشهيد -أي: إلا رجل أو رجلان- يدلان على ما حدث بالجيش، وما رآه كل منهما بعينه) .
فهذه العلامة إن حدثت علم كل مسلم على وجه الأرض ممن يصدقون الحبيب صلى الله عليه وسلم أن الذي خرج هو محمد بن عبد الله المهدي عليه السلام، فحينئذ يخرج إلى المهدي كل مسلم قادر على الخروج إليه، ويبايعه كل من وصل إليه على القتال في سبيل الله؛ ليحصل النصر أو الشهادة، وحينئذ يعلن العالم كله الحرب على المهدي والموحدين معه، فيخوض المهدي عليه السلام ومعه الموحدون حروباً وينصر الله عز وجل المهدي؛ فلا تهزم له راية، ولا يهزم في معركة بإذن الله تبارك وتعالى.