أما بالنسبة لموضوعنا الموضوع الأساسي وهو مسألة زيارة المقابر، فإن زيارة القبور مشروعة للاتعاظ وتذكر الآخرة، شريطة ألا يقول عندها ما يغضب الرب، وكثيراً ما يقع إغضاب الرب، بل الشرك بالله في المقابر، كدعاء المقبورين، والاستغاثة بالموتى من دون الله، كهذه الأضرحة والقباب المبنية على القبور، والخرق المعقودة بشبابيك القبور، والأموال، وحلق الرأس عند القبر، والطواف بالقبر، وغير ذلك، وتقبيل الأعتاب؛ وغيرها من مظاهر الشرك بالله، ونداء الموتى.
أما الزيارة الشرعية التي ليس فيها شرك ولا بدعة ولا أمر محرم فإنها للرجال عبادة وقربة إلى الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها؛ فإنها تذكركم بالآخرة، ولتزدكم زيارتها خيراً، فمن أراد أن يزور فلْيَزُر، ولا تقولوا هجْراً) لا تقولوا هجْراً: لا تقولوا شيئاً محرماً، والهجْر: الكلام الباطل، وكان من عادة أهل الجاهلية أن يتكلموا بكلام الجاهلية عند القبور، وربما ندب بعضهم فقال: وافلاناه! ونحو ذلك.
نُدِبْنا لزيارة القبور لأن فيها موعظة، وقال عليه الصلاة والسلام: (إني نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها؛ فإن فيها عبرة) وهذه العبرة هي تذكر الموت، تذكر الآخرة.
وفي رواية: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها؛ فإنها تُرِقُّ القلب، وتُدْمِع العين، وتذكِّر الآخرة، ولا تقولوا هُجْراً) ومعنى: تُرِقُّ القلب أي: تزيل قسوته.