من الأحكام المتعلقة بالقرض أيضاًَ: أن الإنسان إذا استلف بعملة فما دامت العملة معمولاً بها ولها قيمة فإنه لا يرد إلا بها طلعت أو نزلت، لا يرد إلا بالعملة التي استلف بها إلا إذا كانت العملة هذه صارت لا تساوي شيئاً، كانت الألف ريال بليرة، صار مثلاً الريال بمليون ليرة، إذاًَ: صارت الليرة هذه تقريباً ما لها قيمة، فإذا كانت العملة ألغيت أو صار لا قيمة لها، فعند ذلك ننظر مثلاً: المبلغ الذي اقترضه كم يساوي من الذهب؟ مثلاً: مائة غرام، نقول: رد عليه مائة غرام ذهباً، أما إذا كان لها قيمة ولا زالت موجودة فإنه لا يرد إلا بالعملة التي اقترض بها طلعت أو نزلت، فكما أنها معرضة للنزول فهي معرضة للصعود.
كذلك فإن الدين -كما تقدم- منه ما هو دَين لله عز وجل؛ كصدقة الفطر، وفدية الصيام، والنذور، والكفارات.
ومنها: ما هو دَين للعباد؛ كأجرة الدار، ومقابل الإتلاف، وأرش الجناية.
وكذلك فإن الدين ينقسم إلى قسمين باعتبار وقت الأداء: فمنه ما هو دين حالٌّ: وهو ما يجب أداؤه عند طلب الدائن ويسمى الدين المعجل.
ومنه ما هو دين مؤجل: وهو الذي لا يجب أداؤه قبل حلول الأجل.
مثل: أن يقول: سلفني، يقول: هذه ألف، ومتى ما طلبتُها منك تعطيني إياها، مفتوحة الأجل وهذا معجل.
والدَّين المؤجل أن يقال: هذا الدين إلى سنة، قبل السنة لا يطالب به صاحب المال، لا حق له بالمطالبة؛ لأنه أعطاه سنة، وأجلاً معيناً.
وكذلك فإن التوثيق بالكتابة المذكور في قوله تعالى: {فَاكْتُبُوهُ} [البقرة:282] يتأكد فيمن يخشى ضياع الدَّين، أو النسيان، أو الإنكار.
وكذلك: فإن الشهادة تكون بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين ممن ترضون من الشهداء من العدول الثقات.
وكذلك: فإن الإنسان إذا استلف مالاً يجوز له أن يتصرف فيه كما يشاء؛ لأن القاعدة تقول: (الدين عقد تمليك) عقد تمليك يعني: بمجرد ما استدنت أنت ملكت المال، وصار ملكك، ولذلك عليك الزكاة، لو بقي المال في ملكك، سنة فعليك زكاته؛ لأنك ملكت المال، ودار عليه الحول فوجبت فيه الزكاة.