وهناك مسألة هل الدَّين أعم أم القرض أم كلاهما بنفس المعنى؟ الدَّين أعم.
لأنه يشمل المال والحقوق غير المالية أيضاً؛ كالصلاة الفائتة، والزكاة، والصيام، حتى ديون الله، فلو أن واحداً مثلاً لم يصم لسبب، فيكون عليه دين لله فيقضيه في أيام أخر.
الدين ما ثبت بسبب قرض، أو بيع، أو إجارة، أو إتلاف، أو جناية، ويشمل حقوق الله وحقوق الآدميين، ويشمل الأشياء المالية وغير المالية.
أما القرض فهو خاص بالأشياء المالية؛ سُمِّي القرض قرضاً؛ لأن المقرض يقطع شيئاً من ماله ليعطيه للمقترض.
إذاً القرض هو: دفع مالٍ لمن ينتفع به، ويرد بدله.
لماذا قلنا: يرد بدله؟ لأنه ليس المطلوب أن يرده هو وإنما يرد مثله، وإلا لو كان يرده هو لتحول القرض إلى عاريَّة، لكن القرض أن يأخذ شيئاً فيرد مثله؛ وهو من باب الإرفاق، وهو مستحب وفيه أجر عظيم: (ما من مسلم يُقرِض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقة مرة) والقرض يجري مجرى شطر الصدقة، وإذا سلفه وحل الوقت له مثله، وتجاوز الوقت له مثليه من الأجر، وفيه تفريج كربات المسلمين، ومنع لهم من الاستدانة بالربا ونحو ذلك.
ولا يصح القرض إلا من إنسان جائز التصرف.
ولا يجوز الاقتراض من: مجنون: المجنون لا يقرض، لأنه غير مؤهل.
الصغير الذي لا يميز.
وكذلك ولي اليتيم: لا يجوز له أن يُقرض من مال اليتيم.
وكذلك الأمانات: لا يجوز الإقراض منها؛ وهذا خطأ يقع فيه عدد من الناس، يقرضون من الأمانات المودوعة عنده لرجل ثانٍ من غير إذن صاحب الأمانة؛ وهذا حرام، فالأمانة تُحفظ ولا يستلف منها.
وبعض الناس يقرضون من التبرعات مثل: رجل عنده أموال لبناء مسجد، فيذهب يقرض منها، بأي حق؟! هذه لبناء مسجد فلا يجوز الإقراض منها، وما حصل هذا إلا بسبب الجهل الذي جعل بعض الناس يتورطون في مثل هذا.