تقدير شعور الأم

ثانياً: أن الأم تشتاق إلى ولدها فتزوره وتقتنع برؤيته وتكليمه وأن مناها في رؤية ولدها هو الكلام والحديث إليه: ولذلك فينبغي على الابن أن يقدر شعور الأم، ولا يقول: وماذا يفيدها النظر إلى وجهي؟! وماذا يفيدها الكلام معي؟! فنقول: هذا قلب أم والأم تشتاق إلى ولدها، وتحن إليه، وهي متعلقة به، ورؤياه عندها تساوي الدنيا وما فيها، وحديثها إلى ولدها جد مهم بالنسبة لها، ولذلك ينبغي على الإنسان أن يقدر شعور أمه.

وبعض الناس إذا كبروا وانشغلوا بالحياة والوظائف والسفر من بلد إلى بلد، أصبحوا لا يقدرون شعور الأم، وربما لا يقدر إلا إذا صار أباً أو صارت البنت أماً في المستقبل، فتتذكر وتقول: رحمة الله على أمي، أو رحم الله أمي، كانت تقنع بنظرة وتريد الرؤيا واللقيا والكلمة، فعند ذلك يحس الإنسان بشعور الأب أو الأم إذا صار هو أباًَ أو صارت هي أماً.

ولذلك ينبغي أن ينتبه قبل فوات الأوان، وأن الإنسان لو طلبَت منه أمه أن يأتي إليها، كأن تتصل به من بلدها وهو -مثلاً- من الجنوب ويسكن في الشرقية، أو كانت أمه في مصر وهو يعمل هنا، فطلبت منه أن يأتي لرؤيتها، فلا يقل: أنا أين وهي أين! أنا في شغل وأشغال مهمة وهي تريد رؤيتي! وماذا تستفيد من رؤيتي؟! فنقول: الأم هكذا قلبها، معلق بولدها، تريد رؤيته والحديث إليه، وتقر عينها عندما يكون ولدها عندها، ولذلك لا يقول الإنسان: أسافر الآن من أجل أمي؟! فنقول: إذا كان السفر ممكناً ولا يضرك فسافر من أجلها والقَها وانزل إليها ومُرَّ بها فإن في ذلك البركة.

ولذلك فإن الإنسان إذا كان عند والديه في البلد لا أقل من أن يمر بهما يومياً من الباب ويسلم عليهما، وأن يحييهما في المساء، أو في الصباح تحية، والرؤيا فيها فائدة عظيمة للأم، فلا يصح أن تُفَوَّت عليها بحال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015