Q يقول: في هذا الزمان الذي تكالب فيه الأعداء والمنافقون على المسلمين يستبعد بعض المسلمين النصر نظراً لإعراضهم عن دينهم، فما قولكم في هذا؟
صلى الله عليه وسلم { مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج:15] {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر:51] فالذي يظن أن الله لا ينصر المسلمين فهو مسيء الظن بربه، مرتكب لكبيرة هي سوء الظن بالله، وهذا مصادم للتوحيد ومنافٍ له.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله كلاماً متيناً في الذي يسيء الظن بربه، ونقل كذلك الشيخ سليمان رحمه الله في كتاب تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد في الفصل الذي عقده المصنف الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد لوجوب حسن الظن بالله وخطورة سوء الظن بالله، وأنه منافٍ للتوحيد، فالذي يظن أن الله لا ينصر المسلمين، وأنهم سيبقون هكذا مهزومين إلى قيام الساعة، فهو إنسان سيئ الظن بربه، ثم إنه إما مكذب بالبشارات، أو إنه ضعيف إيمان، ألم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أننا سنفتح روما؟ ألم يخبرنا أننا سنتغلب على النصارى الذين سيسيرون إلينا في ثمانين راية، تحت كل رايةٍ ثمانون ألفاً، تسعمائة وستين ألف نصراني من بني الأصفر -من الروم- سيسيرون إلينا، وأننا سنلتقي معهم في مرج دابق قريباً من حلب في بلاد الشام في سوريا، وأن المسلمين سينتصرون عليهم نصراً مؤزراً، وأنه سيموت ثلث أفضل الشهداء عند الله، والثلث الذين ينهزمون لا يتوب الله عليهم، والثلث الأحياء الباقون الذين ثبتوا سيكتب الله على أيديهم النصر، وأخبرنا أن مدينة قسطنطينية ستفتح بالتكبير جزء في البر وجزء في البحر، وأن المسلمين سيكبرون جميعاً فيسقط جزئها الذي في البر، ثم يكبرون جميعاً ويسقط جزؤها الذي في البحر، وتدخل في أيدي المسلمين.
ألم يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن المسلمين سيقاتلون اليهود حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم يا عبد الله! هذا يهودي ورائي تعال فاقتله؟ ألم يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن عيسى عليه السلام سينزل من السماء، وأنه سيكون مع المهدي في قيادة المسلمين لقتال الدجال وقتله، ومعه سبعون ألفاً من يهود أصفهان، عليهم الطيالسة قد لبسوها، وأن عيسى سيقتله بحربة بيده؟ ألم يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن عيسى سيحكم الأرض بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، وأنه لن يقبل إلا الإسلام أو القتل، وأن هذا الدين سيدخل كل بيت، سواء بيت صحراوي في الصحراء، أو في المدن، لا يبقى بيت مدر ولا وبر ولا حجر، ولا بيت صوف أو شعر إلا أدخله الله هذا الدين؛ بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر.
فكل هذه المبشرات لا يجوز بعدها أن يقال: إن المسلمين سيبقون مهزومين إلى قيام الساعة، ومن قال ذلك فإما أنه ضعيف إيمان، أو جاهل، أو مكذب بأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، فإن الله سينصر المسلمين على اليهود والنصارى قطعاً [100%] لاشك في ذلك، وإن لم ينتصر هذا الجيل فالجيل الذي بعده، أو الذي بعده وقال صلى الله عليه وسلم: (ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم، حتى يكون آخرهم مع المسيح بن مريم).
والجهاد لا ينقطع إلى قيام الساعة، ولعل تجميع الله تعالى لليهود من أقاصي الدنيا في هذا المكان تمهيداً لاستئصالهم، وأن تكون هزيمتهم عامة وشاملة، وكذلك لعل اتحاد أوروبا الآن وتقاربها هي التي ستمهد للحرب التي ستكون بيننا وبين النصارى، وهم الروم (بني الأصفر) الذين جاء ذكرهم في الحديث.
والذي يوقن بوعود الله، ويؤمن بقضاء الله تعالى وقدره يوقن بـ: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21] فقد حصلت في الماضي أحداث كثيرة ولم يكن يتوقع حصولها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وحده هارباً من مكة مع صاحبه، والكفار قد وضعوا مائة بعير لمن يأتي برأسه، ومع ذلك يقول لـ سراقة بن مالك الجعشمي بأنه سيلبس سواري كسرى، ومن ذلك الموقف الذي حصل في الخندق ومر معنا، فإن المنافقين ما صدَّقوا أنه ستفتح كنوز كسرى وقيصر وصنعاء للمسلمين.
فهذه أمور كثيرة في التاريخ كانت لا تصدق إلا من قبل مؤمن بمن أخبر بها ثم حصلت، فما الذي يجعل من البعيد أن يحصل ما أخبرنا به، والمتأمل للواقع يجد أن الأحداث تتجه إلى تحصيل ما أخبرنا به من المعارك الفاصلة والملاحم التي ستقع في آخر الزمان.