وكذلك في هذا الحديث أن الالتزام بأمر النبي صلى الله عليه وسلم مجلبة للخير فإنه قال: (لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى يأتي عليه الصلاة والسلام) ومن يقينه عليه الصلاة والسلام بربه أنه قال: (ادعي خابزة) ثم قال: (استعر صحافاً) فطلب منه أن يستعير آنية ليسكب فيها، ونادى الألف رجل.
وكذلك في هذا الحديث أن المهاجرين رضوان الله عليهم أفضل الصحابة، ولذلكم خصهم بالذكر فقال: فقام المهاجرون.
وفي هذا الحديث أيضاً أن اليقين بنصر الله يكون مع المؤمن باستمرار، ولذلك فإنه صلى الله عليه وسلم أخبرهم بغنائم كسرى وقيصر وفتح صنعاء، والمنافقون يقولون: محمد بـ يثرب والكفار من فوقنا، واليهود من أسفل منا، وأحدنا لا يستطيع أن يذهب لقضاء حاجته، وهو يقول: إننا سنفتح مدائن كسرى وقصور قيصر! فأما المنافقون فازدادوا ريبةً إلى ريبتهم وهم في ريبهم مترددون، وأما المؤمنون فزادهم إيماناً، ولذلك فرح المسلمون واستبشروا.
وكذلك في الحديث خدمة المرأة لضيوف زوجها، وأنها تعجن وتخبز وتغرف لهم الطعام.
وفي الحديث بيان ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم من الشدة، وأنها فتحت لهم الأمصار مع ما كانوا فيه من الجوع والفقر، ومع ما كانوا فيه من الظروف الصعبة الشديدة، ولكن علم الله سبحانه وتعالى إخلاصهم ففتح عليهم.
وفيه الافتخار بالرب والدين في قوله صلى الله عليه وسلم: (فحبذا رباً وحب دينا) رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ نبياً.
ومما زادني شرفاً وتيهاً وكدت بأخمصي أطأُ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا
أنت الرب وأنا العبد.
فكون الله سبحانه وتعالى هو ربنا فخر، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم نبينا فخر، وأن الإسلام ديننا فخر، والقرآن كتابنا كذلك: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف:44] أي: شرف لك ولقومك.
وفي هذا الحديث أن على المسلم إكرام أضيافه، وأن الله عزوجل يبارك إذا اتسع الصدر واتسع القلب.
هذا ما تيسر من شرح هذا الحديث، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن ينصر بهم الدين، وممن يبارك في أوقاتهم وأبدانهم إنه رب العالمين.