شرح رواية البخاري في دعوة هرقل للإسلام وفوائد من ذلك

رواية البخاري رحمه الله هي عن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية لما أتى به هرقل ملك الروم في الركب، وهم أولو الإبل العشرة فما فوقها وكانوا تُجَّاراً، والقصة حصلت في مدة صلح الحديبية وكانت في سنة (6) للهجرة، ومدة الصلح عشر سنين؛ لكن قريشاً نقضوا العهد، فالنبي عليه الصلاة والسلام غزاهم سنة (8) للهجرة، يعني بعد الصلح بسنتين، وفَتَحَ مكة، وهذا بعد أن غدروا.

فلما وصلت رسالة النبي عليه الصلاة والسلام لـ هرقل، طلب بعضَ قريش ليسألهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدهم رسولُه ببعض الشام في غزة.

يقول أبو سفيان: كنا قوماً تُجَّاراً وكانت الحرب قد حصبتنا -هذا يدل على أن الحرب أثرت على قريش اقتصادياً- فلما كانت الهدنة - يعني: صلح الحديبية - خرجت تاجراً إلى الشام مع رهط من قريش، فوالله ما عَلِمْتُ بـ مكة امرأة ولا رجلاً إلا وقد حملني بضاعة، فقال هرقل لصاحب شرطته: قَلِّبِ الشام ظهراً لبطنٍ حتى تأتيني برجل من قوم هذا أسأله عن شأنه، يقول أبو سفيان: فوالله إني لفي أصحابي بـ غزة إذ هجم علينا فساقنا جميعاً.

وإيلياء هي: بيت المقدس، وقيل: معناها: بيت الله، وإيلياء: هي التي سار إليها هرقل لما كشف الله عنه جنود فارس، وقد كان مكان ملك هرقل في حمص، فسار من حمص إلى إيلياء -إلى بيت المقدس - مشياً شكراً لله تعالى، وكان سبب ذلك القصة التي جاءت من طرق متعاضدة كما قال ابن حجر رحمه الله وملخصها: أن كسرى أغزى جيشه بلاد هرقل فخربوا كثيراً من بلاده، وكان النصر في البداية للفرس على الروم، ثم استبطأ كسرى أميره فأراد قتله وتولية غيره، فاطَّلع أميرُه على ذلك فباطن هرقل واصطلح معه على كسرى وانهزم عنه بجنود فارس، فكان سبب عودة الكفة في الرجحان للروم انشقاقٌ حصل في الفرس.

فلما حصل ذلك مشى هرقل إلى بيت المقدس شكراً لله تعالى على ذلك.

المهم: أُدخل سفيان ومن معه على هرقل، قال: (فأدخلنا عليه فإذا هو جالس في مجلس ملكه وعليه التاج، وعنده بطارقته والقسيسون والرهبان، ودعا بالترجمان.

فقال: أيكم أقرب نسباً لهذا الرجل الذي -خرج بأرض العرب- يزعم أنه نبي؟ يقول أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسباً) فـ أبو سفيان يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف؛ وعبد مناف هو الأب الرابع للنبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك لـ أبي سفيان، فيجتمعان في عبد مناف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015