حديث حذيفة: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب)

من الأدلة حديث ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة (لا إله إلا الله) فنحن نقولها) قال صلة بن زفر لـ حذيفة: ما تغني عنهم (لا إله إلا الله) وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟! فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها ثلاثاً، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: تنجيهم من النار، تنجيهم من النار، تنجيهم من النار.

فقوله عليه الصلاة والسلام هنا: (يدرس الإسلام) يعني: تنمحي معالمه وتضيع (كما يدرس وشي الثوب) يعني: حينما يصبح الثوب خلقاً تضيع الألوان والرسوم التي فيه، وكذلك الإسلام بمرور الوقت يجئ عليه زمن غربة وجهل عظيم بالدين، حتى يصل هذا الأمر إلى أن الناس لا يدرون ما هو الصيام، ولا ما هي الصلاة، ولا ما الصدقة، ولا ما هو النسك، ثم قال: (وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية) وهذا مما تنبأ به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن القرآن سوف يرفع من الأرض والصدور ولا يبقى منه آية في الأرض، قال: (وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز)، والشيء الوحيد الذي يبقى لهم هو أنهم يقولون: لا إله إلا الله (يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة فنحن نقولها)، فقال صلة بن زفر -كما هؤلاء الذين لا يعذرون بالجهل في مثل هذا-: ما تغني عنهم (لا إله إلا الله) وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا نسك؟! فأعرض عنه حذيفة وهو يكررها عليه ثلاثاً، ثم رد حذيفة أيضاً بثلاث مرات فقال: تنجيهم من النار، تنجيهم من النار، تنجيهم من النار.

فهذا -أيضاً- دليل على الإعذار بالجهل حينما يرفع العلم ويفشو الجهل، ولا يبقى للناس شيء يعلمونه من الإسلام غير كلمة التوحيد، فهم يجهلون الصيام والصلاة والصدقة فضلاً عن بقية أركان الدين، وهذا ما استدل به من لا يكفر تارك الصلاة، لقوله: تنجيهم من النار.

وحديث حذيفة هذا يبين القدر الأدنى من النجاة، ومعنى ذلك أن هؤلاء القوم مع ما هم فيه ليسوا من المشركين؛ لأن كلمة التوحيد تنجيهم من النار كما بين حذيفة رضي الله تبارك وتعالى عنه، وبعض الناس دفع هذا الاستدلال قائلاً: كيف نقول: إن هؤلاء الناس إنما كانوا معذورين؛ في حين أن القرآن رفع وما بقي منه شيء؟! ونقول: نعم، لكن موضع الاستدلال ما زال قائماً، وهو أدنى ما ينجي الناس من النار ويدخلهم الجنة، وهو جود الإقرار بهذه الكلمة، فمن أجل ذلك تنجيهم من النار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015