رؤية يوسف العظم لمؤلفات سيد قطب

يقول الأستاذ يوسف العظم: لقد مرت كتب الأستاذ السيد أو عطاؤه الفكري أو القلمي في ثلاث مراحل: أولاً: الكتب الفنية فيما يتعلق بالتصوير الفني ومشاهد يوم القيامة.

ثانياً: كتب الانفعال والحماسة في الإسلام، ومنها: معركة الإسلام والرأسمالية، ومنها: كتاب السلام العالمي والإسلام.

ثالثاً: كتب المنهج والتي في قمتها المعالم والظلال والخصائص وهذا الدين، ولذلك فعند دراسة كتب سيد قطب وإنتاجه لابد من وضوح هذه المراحل لمعرفة كل مرحلة.

يقول: وأرى أنه من الضروري أن يراجع المفكرون المسلمون فكر الشهيد سيد قطب حتى ينال من التقدير ما يستحق، وليس من المفيد أن نقيم حول فكره سياجاً من التهديد فلا يمس، وحالة من الرهبة حول آرائه فلا تناقش، وقد قلت في كتاب: (الشهيد سيد قطب قائد الفكر الإسلامي المعاصر، حياته ومدرسته وآثاره)، وكان ذلك عام (1393هـ) الموافق عام (1973م) قلت في كتابي ذاك: نحن نقدر الرجال ولا نقدسهم، ومن تقديرنا لهم: أن نضعهم حيث يفرض الحق أن يوضعوا، وحيث يحب المنصفون؛ لأننا نعاملهم بلا قداسة ولا عصمة ولا تنزيل.

وأختصر المقولة لضيق الوقت فأنقل ما قاله الإمام مالك وهي كلمة أخذها مجاهد عن ابن عباس، وأخذها عنهما الإمام مالك، كما قال السبكي في الفتاوي (1/ 149) ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم.

ونرى أن الخلاف حول فكر سيد قطب سببه أمران: الأول: هو الفهم غير السليم لما يقوله سيد قطب حول معاني الاستعلاء أو العزلة الشعورية، وهو أمر لم يقصده الشهيد كما يمارسه بعض الشباب اليوم؛ إذ لا يكتفون بالاستعلاء على قيم الغرب كما دعا له الشهيد، وإنما يستعلون على الناس من بني قومهم ومجتمعهم وأهلهم.

والثاني: الأخطاء التي وقع فيها الشهيد وهو يقدم تراثه الرائع وعطاءه المبرور، حيث دعا إلى اعتزال معابد الجاهلية، وعنى بذلك مساجد اليوم، وفي حديثه عن دار الحرب ودار الإسلام كان متطرفاً إلى حد أنه لم يترك للمسلمين بقعة من الأرض يتحركون فيها ويعملون، ومن هنا فإني أرى -وهذا اقتراح أقدمه-: أن يعمل فريق من علماء المسلمين المقدرين لفضل الفكر المؤمن المحبين للحق على إقامة حلقة أو لجنة لدراسة فكر الشهيد وتهميشه في كتابيه: المعالم والظلال.

ثم قال: والشهيد كما هو معروف رجاع إلى الحق في أكثر من موقف عندما روجع في أكثر من موضوع، غير أني لقيت في مقابل اقتراحي هذا الذي قدمته في كتابي الذي أشرت إليه منذ أكثر من عشر سنوات -أقول:- لقيت استهجاناً من البعض، ورفضاً لأن يستجيب أحد لمراجعة فكر الشهيد وتبصير الشباب بجانب الخطأ فيه وجوانب الصواب الكثيرة، إلا أن هذا الذي أشرت إليه لا يمكن بحال أن يقودنا إلى إنكار ما قدمه الشهيد سيد قطب من فكر وعطاء وجهد مبرور في معظم كتبه، ولا يجوز بحال أن يظلم كما ظلم الإمام علي من فريقين من الناس: فريق من الناس كفروه، وبعض الغلاة ألهوه، لا يجوز أن يظلم الشهيد سيد قطب من أمته: فريق يقدس فكره ولا يقبل الإشارة إلى بعض ما ورد فيه من أخطاء، وفريق يحاول النيل منه؛ فيصوره أنه مجرد أديب وليس مفكراً، والحقيقة أني أعرف جوانب منها، وقد سمعتها على لسان الشهيد، وقد لازمته فترة في مصر، وهي: أنه كان يحيل بعض الإخوة السائلين في مجلسه إلى بعض الإخوة الفقهاء الذين يعرفون من أحكام الشريعة أكثر مما يعرف، فهو ليس فقيهاً يرجع لكل مقال قاله، ولا هو أديب فحسب، بل هو مفكر إسلامي فتح الله عليه، فقدم فكره العميق بأسلوب أدبي مشرق، مع ما لهذا الفكر من إيجابيات عظيمة، وسلبيات لابد للحركة الإسلامية الواعية الأم أن تتداركها، وتشير إليها؛ لئلا يزداد تخبط الشباب، ويكبر الشق أو الصف الإسلامي الواحد.

هذا فيما يتعلق بكلام شخص مقرب جداً من الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015