نشأ الأستاذ سيد قطب في قرية صغيرة من قرى الصعيد في سنة ألف وتسعمائة وستة ميلادية، وحكى في كتاب له مشهور يسمى: طفل من القرية، ويشبه إلى حد كبير كتاب الأيام للمدعو طه حسين -عليه من الله ما يستحقه- بل إنه أهدى إليه كتاب الأيام وقال: إنها أيام تشبه أيامك إلى حد كبير، وقد تختلف في بعض الأشياء.
فحكى فيه عن نشأته في هذه القرية ودراسته فيها، وكيف أنه كون مكتبة لا مثيل لها في هذه القرية، وهو لا يزال طالباً في المرحلة الابتدائية.
تكلم في هذا الكتاب أيضاً عن العقلية التي يفكر بها أهل هذه القرية، أظن القرية اسمها موشى، وتحدث عن الخرافات التي تعشعش في عقولهم، والبؤس الذي يلف هذه الطبقة من الناس، كان هذا الذي ذكره في كتابه شأن القرى كلها، وليس فقط في صعيد مصر، وإنما في عامة بلاد العالم الإسلامي.
في سنة ألف وتسعمائة وواحد وعشرين غادر قريته موشى ليكمل دراسته في القاهرة، وكان من المفترض أن يغادر قريته قبل هذا الوقت؛ لكن ثورة ألف وتسعمائة وتسعة عشر كانت سبب تأخره ووقف التدريس، وانصراف الناس إلى ما هو أهم من الدراسة، وفي القاهرة التحق الطالب النجيب بمدرسة عبد العزيز الأولية، وبعد أن أتم دراسته الأولية انتقل إلى دار العلوم، وكانت في مستوى المعاهد المتوسطة، وأتم دراسته فيها سنة ثلاثة وثلاثين، وبعدما تخرج من دار العلوم جرى تعيينه مدرساً في دمياط، ثم في بني سويف، ثم انتقل إلى حلوان في القاهرة مدرساً في مدرستها الابتدائية، وانتقل أهله إلى القاهرة بعد أن اشترى منزلاً في حلوان، وكان ذلك بعد وفاة والده، ثم توفيت والدته بعد انتقالهم إلى القاهرة بقليل.