ثبات سيد قطب على مبادئه

لم تخل بلاد المسلمين في حياة الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى من أن يكون فيها من هو أعلم أو أفقه من الأستاذ سيد قطب رحمه الله، لكنه تميز بتجديد في جانب من الجوانب التي كان المسلمون يبحثون عن نجم يضيء لهم، فضلاً عن بدر ينير لهم الليل المظلم، وفي المثل يقولون: وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.

فلما طال ليل هذه الأمة الذي شابه في طوله ليالي القطبين، وتحسر المسلمون على نجم يسطع ساعة، فضلا ً عن بدر يزين الليل كله، وفي زمن بخل فيه الناس بكلمة الحق وباعوا كرامتهم بأرخص الأثمان، أشرق بدر سيد قطب رحمه الله إلى أن سقط على أيدي الطاغية الجبان الذي سقته إسرائيل كئوس الذل مترعة، فلم تعرف له شدة ولا قوة ولا بأساً إلا إزاء المستضعفين من أمته.

تبوأ سيد قطب أعلى مقامات التضحية، وهو مقام التضحية بالنفس، كما يقول بعض الشعراء: يجود بالنفس إن ضن البخيل بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود فما هناك شك في أنه بصموده وثباته على مبدئه وتضحيته في سبيله حتى اللحظة الأخيرة، ضرب مثلاً نادراً وفذاً في تاريخ المسلمين المعاصر.

وكتب بعض الصحفيين كتاباً يسميه: (سيد قطب من القرية إلى المشنقة)، وإن كان تحامل عليه في مواضع، ولكنه كان ينبغي أن يتم هذا العنوان بعبارة ثالثة لولا أمور الله بها عليم، ففعلاً هو قصد من القرية إلى المشنقة إلى قلوب المسلمين المخلصين لدينهم، حيث تربع فيها، وإن كان سيد قطب رحمه الله شخصية بارزة جداً في المجتمع المصري قبل أن يمن الله عليه بالهداية والانضمام إلى لواء الدعوة الإسلامية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015