إن وجود مودة أو مناصرة لأعداء الله عز وجل مما يقدح في أصل الدين، إذا كان مساومة لهم على دينهم الباطل، أما إن حصل مثل هذه المناصرة لصلة رحم أو نحوه فهذا ذنب ومعصية من المعاصي، كما وقع من حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه في مكاتبة أهل مكة بخبر خروج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأيضاً كما وقع من سعد بن عبادة عندما انتصر لـ عبد الله بن أبي في قصة الإفك، وقال لـ سعد بن معاذ: كذبت! والله لا تقتله ولا تقدر على قتله، بل قد تكون هذه النصرة واجبة أحياناً، فيجب على الأمة أو على المسلمين مناصرة قوم إذا كان بينهم وبينهم عهد على أنهم يدخلون في جوار الأمة الإسلامية، وأنهم يدافعون عنهم إذا داهمهم عدو آخر، كحلف من الأحلاف، فإذا وقع ذلك يجب على المسلمين إذا اعتدي على هؤلاء الذين لهم ذمة وعهد أن ينصروهم، بل الذمي الذي يعيش في وسط المسلمين وله ذمة لا تخفر ذمة الله وذمة رسوله؛ فإن من تعظيم الله وتعظيم رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وطاعتهما ألا يخفر الله عز وجل في ذمته؛ فإن له ذمة وعهداً مع إمام المسلمين، فلا ينبغي أن ينقض هذا العهد، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام تهدد من يفعل ذلك بأن يكون خصيمه يوم القيامة.
خلاصة الكلام أن ما يرتبط من الولاية بأصل الدين هو ما انعقد منها على الدين لا على الدنيا أو الطبع، لكن الأمر الذي يقدح في الولاء والبراء هو معاداة المسلم لإسلامه، أو موالاة الكافر على كفره؛ لأن كلا الأمرين يتضمن الرضا بالكفر أو السخط بالإسلام، فإذا كان ساخطاً على الإسلام ويحارب المسلم بسبب تدينه فإنه يكون راضياً بالكفر، ولذلك يوالي الكافر بسبب كفره، أما ما عدا ذلك فلكل مقام مقال، فإذا كانت الموالاة والمناصرة أو المحبة على كفر فهي كفر، وإن كانت على معصية فهي معصية، أما الموالاة على الأسباب والعلائق الدنيوية ففيه تفصيل بحسب ما تفضي إليه هذه الموالاة، فمنها ما يحل ومنها ما يحرم.