Q هل الطفل يحاسب على أعماله يوم القيامة؟ وكيف تكتب حسناته وسيئاته؟
صلى الله عليه وسلم الطفل له حسنات تكتب ويجازى عليها يوم القيامة، لكن سيئاته لا تصل إلى درجة الحرمة؛ فلا يعاقب عليها؛ لأنه ليس واصلاً إلى تلك الدرجة، وهذا محله في حقوق الله، أما في حقوق الناس فإنها من الحقوق التي لا تترك، بل لابد أن يأخذوها، وحقوق الناس تابعة للخطاب الوضعي لا للخطاب التكليفي، ولهذا فإن القاتل وهو نائم أو القاتل خطأً لابد أن يؤخذ منه الحق لذوي المقتول، والقاتل خطأً تجب عليه الدية، حتى لو كان الخطأ قد رفع فيه التكليف، وهكذا الصبي لو قتل أو جرح أو كسر شيئاً فإنه يجب ذلك في ماله، وهكذا النائم، فالمرأة إذا نامت حول طفلها فانقلبت عليه فمات، فقد قتلته خطأً تلزم فيه الدية والكفارة.
فالخطاب التكليفي هو الذي يشترط له تكليفاً، أما الخطاب الوضعي فلا يشترط له ذلك، ومنه الضمان ونحوه.
أما الصبيان فإن أجورهم يوم القيامة ثابتة في قوله صلى الله عليه وسلم حين رفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال: (نعم، ولك أجر) ، فأثبت أن للصبي حجاً، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر الصبيان بالصلاة لسبع وضربهم عليها لعشر، وأمر بالتفريق بينهم في المضاجع، وهذا أيضاً لنفي ما يمكن أن يتصور بين ذكورهم وإناثهم من الاختلاط المحرم.
وهنا يرد خلاف أصولي مشهور هو في معنى التكليف؛ لأن التكليف مختلف فيه، فقيل: هو إلزام ما فيه كلفة.
وقيل: هو طلب ما فيه كلفة.
وعلى كل واحد من القولين إشكال، فإذا قلنا: التكليف إلزام ما فيه كلفة، فمعناه أن المندوبات والمكروهات والمباحات ليست من أقسام التكليف؛ لأنها لا إلزام فيها.
وإذا قلنا: التكليف هو: طلب ما فيه الكلفة، فمعناه أن الصبي مكلف؛ لأنه يطلب منه المندوبات على سبيل الندب والواجبات على سبيل الندب أيضاً، وينهى عن المحرمات على سبيل الكراهة وعن المكروهات على سبيل الكراهة أيضاً، هذا إشكال أصولي وارد.
فينبغي إذا ظلم الطفل طفلاً آخر أن يقتص له منه، لكن يكون ذلك بلطف.
وأما إذا كان في الآخرة فسيقتص له؛ لأنه يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، وهذا من باب أولى.
وأما رفع القلم فهو فيما يتعلق بحقوق الله، أما حقوق الناس فمشكلة؛ لأن حقوق الناس لابد أن يأخذوها، فهو حق لا يترك، أو يجازي الله عنها يوم القيامة، فيمكن أن الله يرضي صاحبها في مقابلها، ولهذا كانت أخطر الحقوق.
والحقوق ثلاثة: - ذنب لا يغفر، وهو: الشرك بالله.
- وذنب لا يترك، وهو: حقوق العباد.
- وذنب تحت المشيئة؛ إن شاء الله أخذ به، وإن شاء عفا عنه، وهو حقوق الله، فرفع القلم هو في حقوق الله.