[فالله لم يسكت على ما أوهما حدوثاً أو نقصاً له بل أفهما] يقول: إن التأويل إنما يحتاج إليه عندما تقتضي الصفة نقصاً، فإذا كانت الصفة لا تقتضي نقصاً فإنه لا يحتاج إلى هذا التأويل، أما إذا كانت الصفة بذاتها تدل على النقص فإن الله لا يتركها دون تأويل، بل لابد أن يرِدَ تأويلها بالوحي، ومثال ذلك قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: (عبدي مرضت فلم تعدني؟ فقال: يا رب! كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ فقال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض، فلو عدته لوجدتني عنده) ومثله بقية الحديث: (استطعمتك فلم تطعمني، فيقول: كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ فيقول: أما علمت أن عبدي فلاناً جاع، فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي) وهكذا؛ فلذلك قال: (فالله لم يسكت على ما أوهما حدوثاً أو نقصاً له بل أفهما) : فكل ما يوهم حدوثاً أو نقصاً لا يمكن أن يقر دون تأويل، بل يجب تأويله بالنص، فالله لم يسكت على ما أوهم حدوثاً أو نقصاً له، بل أفهم معناه وبين مراده بقوله: (مرضت فلم تعدني) في هذا الحديث، وكذا في (جعت) وهي رواية من روايات الحديث، والرواية المشهورة المعروفة هي: (استطعمتك فلم تطعمني) وفي رواية أخرى: (جعت فلم تطعمني) ، وهي مؤولة بنفس التأويل؛ لأنه ذكر: (أما علمت أن عبدي فلاناً جاع، فلو أطعمته لوجدتني عنده أو لوجدت ذلك عندي) .
وبهذا نكون قد انتهينا من توحيد الصفات ووصلنا إلى الكلام في الأسماء.