وقوله: (يستجيب) هذا إثبات لصفة أخرى من صفات الله سبحانه وتعالى، وهي صفة الاستجابة، والمقصود بها إجابة الدعاء.
فالله سبحانه وتعالى يستقبل الدعاء فيثيب عليه ويجيبه: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ} [النمل:62] وقال سبحانه: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} [الأنبياء:76] فهذا إثبات لصفة الاستجابة، ومنها اشتق اسم المجيب في حديث أبي هريرة في التسعة والتسعين اسماً من أسماء الله تعالى.
والاستجابة لا تتعلق بالدعاء وحده، بل كثير من الأعمال تعرض عند الله، ولهذا جاء في أذكار الصلاة: سمع الله لمن حمده، و (سمع) هنا بمعنى استجاب؛ لأنها التي تتعدى باللام؛ أما (سمع) التي معناها سماع الصوت، فإنها تتعدى بنفسها مثل قول الله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} [آل عمران:181] وقوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:1] ، أما التي تتعدى باللام فمعناها الإجابة، فمعنى (سمع الله لمن حمده) أجاب دعاءه، والحمد دعاء، وقد ذكرنا أثر ابن عيينة حين سئل عن قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) قيل له: أفهذا دعاء؟! قال: بلى، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت: أأذكر حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شيمتك الحياء إذا أثنى عليك المرء يوماًً كفاه من تعرضه الثناء