إلى الترجيح بغير مُرَجِّح إتباعا للمصلحة- زعموا- أو الهوى! فقطعاً لدابرِ ذلك كُلِّه كان لا بُدَّ من التزام هذا المنهج السليم من التمييز بين الصحيح
والضعيف من الحديث؛ ليكون المسلمُ على بصيرة من دينه وقوفاً منه مع أمر ربه: " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ".
وقد تجاوب مَعَنا في ذلك كثيرٌ جداً من أفاضل العلماء والمؤلِّفين والدعاة والطَّلبَة في مختلف البلاد الإِسلامية، ولا أدلَّ على هذا من الطلبات الكثيرة التي تصلني منهم يوماً بعد يوم، مُلِحِّين بضرورة متابعة نشر ما عندي من السلسلتين وغيرهما، ليزدادوا بها علماً، ويأخذوا بالصحيح وفقهه، وَيَذَروا الضعيف، إلى غيره.
ومقابل هؤلاء الأفاضل بعض الشيوخ؛ المُقَلِّدين وغيرهم من الصوفيِّين والطُّرُقيِّين، الذين لا حياة لهم إلا بالاعتماد على الأحاديث الضعيفة والموضوعة؛ التي يسيطرون بها على قلوب العامة ثم على ما في ... لذلك فهم لا يرضون عن ذلك التمييز، ولازِمه من التمسك بالِإسلام على ضوء
الكتاب والسنّة الصحيحة، ويحاربون الدعاة إليه محاربةً شديدة لا هوادةَ فيها، ويستبيحون في سبيل ذلك من الكذب والبهت والافتراء ما لا يستحلُّه إلا الكُفَّار الذين قال الله فيهم: " إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّه ". لأنهم يعلمون أنّ هذه الدعوة ستقضي على مشيختهم وسخافاتهم وخرافاتهم التي يستغلُّون بها السُّذَّج، وطَيِّبي القلوب من الناس.
ولَدَيَّ على ذلك أمثلةٌ كثيرةٌ، وحسبي الآن في هذه المقدمة مثالان اثنان، لهما صلة وثقى بها:
الأول: أن وزير الأوقاف في بعض الإِمارات العربية- ولعله صوفي، أو حوله بطانة صوفية- أصدر مذكّرة نُشِر مضمونها في أوائل شوال سنة