إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن شداد بن أوس مرفوعا. أورده في ترجمة أبي سعد هذا وسماه إسماعيل بن علي بن الحسن بن البندار الواعظ الأستراباذي وقال: " قدم علينا بغداد حاجا وسمعت منه بها حديث واحدا مسندا منكرا، ولم يكن موثوقا به في الرواية ". ثم ساق هذا الحديث. ورواه ابن عساكر (2 / 432 / 2) من طريق الخطيب، ثم قال: " رواه الواحدي عن أبي الفتح محمد بن علي الكوفي عن علي بن الحسن بن بندار كما رواه ابنه إسماعيل عنه فقد برئ من عهدته، والخطيب إنما ذكره لأنه حمل فيه على إسماعيل ". ثم ساقه (8 / 35 / 1) بسنده عن الواحدي به. قلت: فانحصرتالتهمة في علي بن الحسن والد إسماعيل هذا قال الذهبي: " اتهمه محمد بن طاهر ". وقال ابن النجار: " ضعيف ". وقال أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي: " روى عن الجارود الذي كان يروي عن يونس بن عبد الأعلى وطبقته، فروى علي هذا عنه عن هشام بن عمار، فكذب عليه ما لم يكن هو يجترئ أن يقوله، لا تحل الرواية عنه إلا على وجه التعجب ".
ومحمد بن إسحاق الرملي لا يعرف إلا في هذا السند، وقد ساق له ابن عساكر في ترجمته (15 / 35 / 1) حديثا آخر عن هذا الشيخ ابن عمار، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ومما ينكر في هذا الحديث قوله: " ما أبكي شوقا إلى جنتك، ولا خوفا من النار "! فإنها فلسفة صوفية، اشتهرت بها رابعة العدوية، إن صح ذلك عنها، فقد ذكروا أنها كانت تقول في مناجاتها: " رب! ما عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك ". وهذا كلام لا يصدر إلا ممن لم يعرف الله تبارك وتعالى حق معرفته، ولا شعر بعظمته وجلاله، ولا بجوده وكرمه، وإلا لتعبده طمعا فيما عنده من نعيم مقيم، ومن ذلك رؤيته تبارك وتعالى وخوفا مما أعده للعصاة والكفار من الجحيم والعذاب الأليم، ومن ذلك حرمانهم النظر إليه كما قال: " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون "، ولذلك كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - وهم العارفون بالله حقا - لا يناجونه بمثل هذه الكلمة الخيالية، بل يعبدونه طمعا في جنته - وكيف لا وفيها أعلى ما تسموإليه النفس المؤمنة، وهو النظر إليه سبحانه، ورهبة من ناره، ولم لا وذلك يستلزم حرمانهم من ذلك، ولهذا قال تعالى بعد ذكر نخبة من الأنبياء: " إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين "، ولذلك كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أخشى الناس لله، كما ثبت في غير ما حديث صحيح عنه. هذه كلمة سريعة حول تلك الجملة العدوية، التي افتتن بها كثير من الخاصة فضلا