وعلى ما دل عليه هذا الحديث يدل اشتقاق هذه اللفظة في اللغة.
ففي " لسان العرب ": " والمصافحة: الأخذ باليد، والتصافح مثله، والرجل
يصافح الرجل: إذا وضع صفح كفه في صفح كفه، وصفحا كفيهما: وجهاهما، ومنه
حديث المصافحة عند اللقاء، وهي مفاعلة من إلصاق صفح الكف بالكف وإقبال الوجه
على الوجه ".
قلت: وفي بعض الأحاديث المشار إليها ما يفيد هذا المعنى أيضا، كحديث حذيفة
مرفوعا: " إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت
خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر ".
قال المنذري (3 / 270) :
" رواه الطبراني في " الأوسط " ورواته لا أعلم فيهم مجروحا ".
قلت: وله شواهد يرقى بها إلى الصحة، منها: عن أنس عند الضياء المقدسي
في " المختارة " (ق 240 / 1 - 2) وعزاه المنذري لأحمد وغيره.
فهذه الأحاديث كلها تدل على أن السنة في المصافحة: الأخذ باليد الواحدة فما
يفعله بعض المشايخ من التصافح باليدين كلتيهما خلاف السنة، فليعلم هذا.
الفائدة الثالثة: أن المصافحة تشرع عند المفارقة أيضا ويؤيده عموم قوله
صلى الله عليه وسلم " من تمام التحية المصافحة " وهو حديث جيد باعتبار طرقه
ولعلنا نفرد له فصلا خاصا إن شاء الله تعالى، ثم تتبعت طرقه، فتبين لي
أنها شديدة الضعف، لا تلصح للاعتبار وتقوية الحديث بها، ولذلك أوردته في
" السلسلة الأخرى " (1288) . ووجه الاستدلال - بل الاستشهاد - به إنما يظهر
باستحضار مشروعية السلام