قلتُ: كيف يُخَالِطنَ الرِّجَالَ؟!
قال: لم يَكُنَّ يُخَالِطْنَ؛ كانت عائشةُ - رضي الله عنها - تطوفُ حَجْرَة من الرِّجالِ؛ لا تخالِطُهم، فقالت امرأةٌ: انطلقي نستلم يا أمَّ المؤمنين.
قالَتْ: انطلقي عنكِ. وَأَبَتْ.
فكُنَّ يَخْرُجْنَ متنكِّرَاتٍ بالليل، فيطُفْنَ مَعَ الرِّجالِ، ولكنَّهنَّ كُنَّ إذا دَخَلْنَ البيتَ قُمْنَ حتى يَدْخُلْنَ، وأُخَرجَ الرجالُ.
وكنتُ آتي عائشةَ أنا وعُبيدُ بن عُمير، وهي مجاورة في جَوْفِ ثَبِيرِ.
قلتُ: وما حجابُها؟
قال: هي في قُبَّةِ تُرْكيَّةِ، لها غِشَاءٌ، وما بيننا وبينها غير ذلك، ورأيتُ عليها دِرْعَا مُوَرَّدًا".
أخرجه البخاري (1618).
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (5/ 66 - 68/ رقم؛ 9018) من طريق: ابن جُريج به.
وأخرجه محمد بن إسحاق الفاكهي في "أخبار مكة" (1/ 251 - 253/ رقم: 483) من طريق: ميمون بن الحكم الصنعاني، قال: ثنا محمد بن جُعشم، قال: أنا ابن جريج به.
غريب الأثر وفقهه:
قوله: "وقد طاف نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - معَ الرجال"، أي: غير مختلطات بهم.
(الفتح: 3/ 561).
قوله: "لقد أدركته بعد الحجاب": ذكر عطاء هذا لدفع توهّم من يتوهَّم أنه حمل ذلك عن غيره، ودلَّ على أنه رأى ذلك منهنَّ، والمراد بالحجاب آية الحجاب، وهي قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53]، وكان ذلك في تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - بزينب بنت جحش، ولم يدرك ذلك عطاء قطعًا. (الفتح: 1/ 561 - 562).