وجائزٌ للمرء أن يهجُرَ من خاف عليه ولم يسمع منه، ولم يطعه، وخاف أن يُضِلُّ غيره، وليس هذا من الهجرة المكروهة - ألا ترى أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس أن لا يُكَلِّمُوا كعبَ بن مالك حين أحدَثَ في تخلفه عن تبوك ما أحدث- حنى تاب الله عليه؛ وهذا أصل عند العلماء في مجانبة من ابتدع، وهجرته، وقطع الكلام معه" اهـ.

* * *

242 - وعن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه -، أنه رأى رجلًا يخذف، فقال له: "لا نخذف؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخذف، وقال: "إنه لا يُصَادُ به صَيدٌ، ولا يَنكأُ به عدوّ، ولكنها قد تكسِّر السن، وتفقأ العين".

ثم رآه بعد ذلك يخذف، فقال له: "أحدِّثُكَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الخذف؛ وأنت نحذف! لا أكلمك أبدًا".

أخرجه البخاري (4841، 5479، 6220) ومسلم (1954) وأحمد (4/ 86) و (5/ 54، 55، 56) أو رقم (20596، 20607، 20617 - قرطبة) وأبو داود (5270) والنسائي (8/ 47) -المجتبى- وابن ماجه في مقدمة "السنن" (1/ 8/ 17) ورقم (3226، 3227) والحميدي في "مسنده" (2/ 393 - 394/ 887) والدارمي في "مسنده" (1/ 406، 407/ 453، 454) وابن حبان في "صحيحه" (13/ 278/ 5949) والبغوي في "شرح السنة" (10/ 267/ رقم: 2574، 2575) والطيالسي (914، 919) والبيهقي (9/ 248) والحاكم (4/ 283) وابن بطة في "الإبانة" (1/ 259/ 96) والهروي في "ذم الكلام" (2/ 257 - 258/ 322).

من طرق؛ عن عبد الله بن مغفل به.

فقه الأثر:

قال الإمام النووي -رَحِمَهُ اللهُ- في "المنهاج" شرح الجامع الصحيح لإمام مسلم بن الحجاج (13/ 106): "فيه هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السُّنَّة مع العلم، وأنه يجوز هجرانه دائمًا، والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام- إنما هو فيمن هجر لحظّ نفسه ومعايش الدنيا، وأما أهل البدع ونحوهم- فهجرانهم دائمًا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015