40 - ومن أحسن الاستعارات في الليل قول عبد الصمد بن المعذّل (?) :
أقولُ وجنحُ الدجى مُلْبَدُ ... ولليلِ في كلِّ فجٍّ يدُ
ونحنُ ضجيعانِ في مجسدٍ ... فلله ما ضُمِّنَ المجسد
أيا ليلة الوصل لا تنفدي ... كما ليلةُ الهجرِ لا تنفد
ويا غدُ إن كنتَ لي راحماً ... فلا تدنُ من ليلتي يا غد 41 - قال العسكري (?) : وأجود ما قيل في طول الليل من الشعر القديم، قول امرئ القيس:
وليلٍ كموج البحر أرخى سدولَهُ ... عليَّ بأنواع الهمومِ ليبتلي
فقلتُ له لما تمطَّى بِصُلْبِهِ ... وأردفَ أعجازاً وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثل
فيا لك من ليلٍ كأن نجومه ... بكل مُغارٍ الفتل شُدَّْت بيذبل
كأن الثريا عُلِّقَتْ في مصامها ... بأمراسِ كَتّانٍ إلى صُمِّ جندل قال العسكري: هذا من فصيح الكلام وأبدعه (?) . شبَّه الليل بالبحر، وترادف ظلماته بالموج، واستعار له سدولاً وهي الستور، واحدها سِدْل، لما يحول منه بين البصر وبين إدراك المبصرات؛ وقوله: " وما الإصباح منك بأمثل " معناه أن صبحك إذا كان فيك فليس فيك راحة، كأنه يريد به طلوع الفجر المتقدم بين يدي ضوء النهار، وقيل معناه: إن ليله كنهاره في البث، وانه لا يجد في النهار راحة كما لا يجدها في الليل، فجعل الليل والنهار سواء فيما يكابده من الوجد والحب.
42 - قال الشيخ المصنف: كنت وقفت لشاعر بعد امرىء القيس على هذا المعنى وفيه زيادة مطبوعة وذهبت عني فنظمت في معناه:
لا أظلمُ الليلَ الطويلَ وأشتكي ... منه وما لي في الصباح رجاءُ