بعضهم: وقع قطرُ صغار وقطر كبار، فكان الصغار لحمة للكبار، جعل الهواء كالثوب المنسوج من كثرة القطر وتكاتفه.
807 - قال العسكري (?) ، قال أبو عمرو لذي الرمة: أيّ قول الشعراء في المطر أشعر؟ قال: قول امرئ القيس (?) :
ديمةُ هَطْلاءُ فيها وَطَفٌ ... طَبَقُ الأرضِ تحرَّى وَتَدِرّ قوله: طبق الأرض غاية في وصف عموم السحاب، أراد أنها على الأرض بمنزلة الطبق على الإناء، قال: ولا أعرف أحداً أخذه وأجاد فيه كإجادة ابن الرومي (?) :
سحائبُ قيستْ بالبلاد فأَلَّفَتْ ... غطاءً على أغوارها ونجودها
حَدَتها النعامَى مثقلاتٍ فأقبلتْ ... تهادَى رويداً سيرها كركودِهَا قوله: سيرها كركودها غاية في وصف ثقلها من كثرة مائها. والبيت البليغ المشار إليه من أبيات امرئ القيس هو قوله (?) :
ويَرى الشَّجراء في ريِّقه ... كرؤوسٍ قُطِّعَتْ فيها خُمُرْ الشجراء: الأرض ذات الشجر، وإذا غرقت بَريّقه حتى لا يبين منها (?) إلا فروعها فكيف يكون في شدّته؟ وريّق المطر: أوله وأخفّه؛ وشبَّه رؤوس الشجر خارجة من الماء برؤوس قطعت عليها عمائم، والخمار هاهنا العمامة.
808 - قال أبو هلال (?) : وأجودُ ما قيل في المطر:
كأنَّ أبانا في أفانينِ وَبْلِهِ ... كبيرُ أناسٍ في بجادٍ مُزَمَّلِ يقول: كأنّ أباناً - وهو جبل - من التفاف قطره وتكاثفه في الهواء شيخ مزمل في كساء، وخفض " مزملاً " على قرب الجوار، وهو نعتُ " كبير "، كما قالوا حُجْرُ ضبٍّ خَرِبٍ.