وهيّئ وأنبئهم ونبّئ بأربع ... وأرجئ معا واقرأ ثلاثا فحصّلا

ذكر في هذا البيت النوع الثاني وهو ما سكونه علامة للبناء أي واستثنى لأبي عمرو هذه الكلمات المذكورة أيضا، وهي إحدى عشرة كلمة وجميعها مبني على السكون وهي: هيئ لنا بالكهف وأنبئهم بأسمائهم بالبقرة وقوله ونبىء بأربع أي في أربع كلمات نبئنا بتأويله بيوسف ونبىء عبادي ونبئهم عن ضيف إبراهيم كلاهما بالحجر ونبئهم أن الماء قسمة بالقمر وأرجئ معا أي في موضعين أرجئه وأخاه وأرسل في الأعراف وأرجئه وأخاه وابعث في الشعراء واقرأ ثلاثا أي في ثلاث مواضع أولها في الإسراء اقرأ كتابك والثاني والثالث بالعلق اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: 1] واقْرَأْ وَرَبُّكَ [العلق: 3]، فجميع هذا يقرأ لأبي عمرو بتحقيق الهمزة وإبقائه على حاله وليست الفاء من قوله فحصلا رمزا أي فحصل العلم.

وتؤوي وتؤويه أخفّ بهمزه ... ورئيا بترك الهمز يشبه الامتلا

ذكر في هذا البيت النوع الثالث والرابع، فأخبر أن تُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ [الأحزاب:

51] وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ [المعارج: 13]، مما استثنى لأبي عمرو أيضا فهمزه على الأصل ولم يخفف بالإبدال وذكر أن علة استثنائه فيه كونه بالهمز أخف من الابدال، ثم أخبر أن رئيا مستثنى له أيضا فهمزه على الأصل ولم يخفف بالإبدال وذكر أن علة استثنائه ما يؤدي إليه الإبدال من التباس المعنى واشتباهه وذلك أنه لو أبدل الهمزة ياء لوجب إدغامها في الياء التي بعدها كما قرأ قالون وابن ذكوان فكان يشبه لفظ الري وهو الامتلاء بالماء، ورئيا بالهمز من الرؤية وهو ما رأته العين من حالة حسنة وكسوة ظاهرة وبترك الهمز يحتمل المعنيين فترك أبو عمرو إبداله لذلك:

ومؤصدة أوصدت يشبه كلّه ... تخيّره أهل الأداء معلّلا

ذكر في هذا البيت النوع الخامس وأخبر أن عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ [البلد: 20]، وإِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ [الهمزة: 8]، بالهمزة مما استثنى لأبي عمرو أيضا فهمز على الأصل ولم يخفف بالإبدال. واختلف أهل العربية في اشتقاقه فذهب قوم وأبو عمرو منهم إلى أن أصله أأصدت أي أطبقت فله أصل في الهمزة وقال آخرون هو من أوصدت ولا أصل له في الهمز فاختار أبو عمرو همزه لئلا يتوهم أنه قرأ بلغة أوصدت كما يقرأ غيره وليس هو عنده كذلك فلهذا قال الناظم أوصدت يشبه أي موصدة بترك الهمز يشبه لغة أوصدت ثم قال كله أي كل هذا المستثنى تخيره المشايخ وأهل الأداء القراءة كابن مجاهد ومن وافقه كانوا يختارون تحقيق الهمزة في ذلك كله معللا بهذه العلل المذكورة.

تنبيه: المراد أكثر أهل الأداء ومعنى اختيار أهل الأداء يعني اختيار ابن مجاهد أنه قد روى عن أبي عمرو تحقيق الهمز الساكن مطلقا وروى عنه تخفيفه مقيدا فاختار ابن مجاهد وحذاق الناقلين رواية التقييد على الإطلاق لا أنهم قرءوه برأيهم كما توهم.

وبارئكم بالهمز حال سكونه ... وقال ابن غلبون بياء تبدّلا

أخبر رحمه الله أن بارئكم قرأ للسوسي في موضعي البقرة بالهمز الساكن على الأصل وقوله حال سكونه فيه تنبيه على قراءته إياه بالسكون كما سيأتي في قوله وإسكان بارئكم وبذلك دخل في هذا الباب فكأنه قال استثنى له بارئكم في حال كونه ساكنا في قراءته ثم أخبر أن أبا الحسن طاهر بن غلبون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015