تعالى: أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ وأَ أُنْزِلَ وأَ أُلْقِيَ، فأخبر أن المد بين الهمزتين في هذا النوع للمشار إليهما باللام والحاء في قوله لبى حبيبه وهما هشام وأبو عمرو
بخلاف عنهما وللمشار إليه بالباء في قوله برا وهو قالون المد بلا خلاف فتعين للباقين القصر ومعنى لبى حبيبه برا وجاء، يعني أن القارئ المتصف بالبر لما أحب المد دعاه فلباه وجاء ليفصل بين الهمزتين، والبر والبار بمعنى واحد وهو ضدّ العاق المخالف، وقوله وفي آل عمران رووا لهشامهم كحفص أخبر أن هشاما قرأ أقل أؤنبئكم بآل عمران كقراءة حفص، وقد علم أن مذهب حفص يحقق الهمزتين من غير مد بينهما لأن مراده بحفص حفص عاصم وقوله وفي الباقي أي وفي باقي الثلاثة وهو أأنزل عليه في ص وأ ألقى بالقمر كقالون أي قرأهما هشام كقالون وقد علم أن مذهب قالون المد بين الهمزتين مع تسهيل الثانية منهما، وقوله واعتلا أي على هذا الوجه الثالث يعني التفصيل.
توضيح: اعلم أن الرواة اختلفوا عن هشام فمنهم من نقل عنه المد في المواضع الثلاثة بغير خلاف مع تحقيق الهمزتين ومنهم من نقل عنه في المواضع الثلاثة ترك المدّ بغير خلاف مع تحقيق الهمزتين وهذا الوجه من الزيادات فاتفق الناقلان على تحقيق الهمزتين لكن ما وقع عنهما الخلاف إلا في المد وأما الناقل الثالث الذي ذكره الناظم في البيت الثاني فإنه نقل عن هشام التفصيل في المواضع الثلاثة كما تقدم فحصل لهشام في آل عمران قراءتان تحقيق الهمزتين مع المد وتركه وله في ص والقمر ثلاث قراءات تحقيق الهمزتين مع المد وتركه أيضا من الناقلين الأولين وتحقيق الأولى وتسهيل الثانية والمد بينهما من هذا الناقل الثالث المفصل. وأما باقي القراء فهم في المواضع الثلاثة على مراتب منهم من حقق الأولى وسهل الثانية ومد بينهما قولا واحدا وهو قالون ومنهم من حقق الأولى وسهل الثانية من غير مد بينهما قولا واحدا وهما ورش وابن كثير ومنهم من حقق الأولى وسهل الثانية وله المد بينهما وتركه وهو أبو عمرو غير أن المد له في المواضع الثلاثة من الزيادات، ومنهم من له تحقيق الهمزتين من غير مد بينهما وهو الكوفيون وابن ذكوان.
أي هذا باب حكم الهمزتين المجتمعتين في كلمتين وهما على ضربين متفقتين ومختلفتين فأما المتفقتان فعلى ثلاثة أنواع مفتوحتين ومكسورتين ومضمومتين، وأما المختلفتان فعلى خمسة أضرب كما سيأتي، وقدم رحمه الله الكلام على المتفقتين فقال:
وأسقط الأولى في اتفاقهما معا ... إذا كانتا من كلمتين فتى العلا
وأسقط أي حذف الأولى أي الهمزة الأولى ولا يتزن البيت إلا بالنقل، وقوله: في اتفاقهما أي في الحركة مثل كونهما مفتوحتين أو مكسورتين أو مضمومتين وقوله معا شرط أن تكون الأولى