وتظهر فائدته على مذهب ورش وأبي عمرو حيث يميلان فيها ما لا يميلانه في غيرها. ثم كل من المميلين إنما يعتد بعدد بلده، فحمزة والكسائي يعتبران الكوفي وأبو عمرو يعتبر المدني الأول لعرضه على أبي جعفر نص عليه الداني وورش أيضا لأنه عن إمامه. واعلم أن الهاء من طه ليست آخر آية عند المدني والبصري وأمالها ورش وأبو عمرو باعتبار كونها حرف هجاء في فواتح السور كهاء مريم
ولهذا أمالاها إمالة محضة وسيأتي الكلام عليها في أول سورة يونس، وقوله: يا منهال أفلحت منهلا كمل به البيت. والمنهال: الكثير الإنهال، والإنهال إيراد الإبل المنهل والمنهال: الكثير العطاء، يقال أنهلت الرجل إذا أعطيته أي يا معطي العلم أفلحت أو كثرت منهلا أي معطيا.
رمى صحبة أعمى في الإسراء ثانيا ... سوى وسدى في الوقف عنهم تسبّلا
أخبر أن المشار إليهم بصحبة وهم حمزة والكسائي وشعبة أمالوا وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى [الأنفال: 17] وفَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى [الإسراء: 72]، ثاني سبحان وفي الوقف مكانا سوى بطه وأَنْ يُتْرَكَ سُدىً [القيامة: 36]، وقوله: في الوقف عنهم أي عن حمزة والكسائي وشعبة إمالتهما في الوقف على خلاف يأتي وقوله: تسبلا أي أبيح:
وراء تراءى فاز في شعرائه ... وأعمى في الإسرا حكم صحبة أوّلا
أخبر أن المشار إليه بالفاء في قوله: فاز وهو حمزة أمال الراء من تراء الجمعان ويلزم من إمالة الراء إمالة الألف وقوله في شعرائه تقييد احترز به من تراءت الفئتان بالأنفال فإن الراء فيها لا تمال لأحد من السبعة وأصل تراء الجمعان تراءى على وزن تفاعل فألفه الأولى زائدة والأخيرة منقلبة عن ياء هي لام الكلمة وهو مرسوم في جميع المصاحف بألف واحدة بعد الراء واختلف في هذه الألف هل هي ألف تفاعل ولام الكلمة محذوفة أو لام الكلمة وألف تفاعل محذوفة على قولين؟ فحمزة يميل الراء والألف التي بعدها في الوصل والباقون لا إمالة عندهم في الوصل.
توضيح: أما قالون فلا إمالة له في تراءى الجمعان فإذا وقف يحقق الهمزة وينطق بألفين بينهما همزة محققة ويمد الألف التي قبل الهمزة لقوله: لقي الهمز طولا وكذلك يدخل معه بقية القراء غير ورش وحمزة والكسائي ولا تفاوت بينهم في المد من طريق الناظم رحمه الله أما ورش فله ستة أوجه لأي تراءى من ذوات الياء وله في إمالتها بين بين والفتح وجهان وله في حرف المد الواقع بعد الهمزة ثلاثة أوجه المد والتوسط والقصر مع كل من الإمالة والفتح فهذه ستة أوجه. واعلم أن ورشا إذا أمال فإنما يميل الألف الأخيرة والهمزة التي قبلها فقط وأما حمزة إذا وقف فله وجوه كثيرة منها أنه يسهل الهمزة بين بين ويميل الراء والألف التي قبل الهمزة والألف التي بعدها
اتباعا لإمالة فتحة