إليهم بالكاف والضاد والجيم في قوله كما ضاع جا وهم ابن عامر وخلف وورش أظهروا الباء عند الميم من أركب معنا بلا خلاف فتعين للباقين إدغامه وقوله يلهث له دار جهلا. أخبر أن إظهار الثاء من يلهث عند الذل في ذلك مثل القوم للمشار إليهم باللام والدال والجيم في قوله له دار جهلا وهم هشام وابن كثير وورش. ثم قال وقالون ذو خلف يعني أن قالون له في يلهث ذلك وجهان الإظهار والإدغام وتعين للباقين الإدغام.
والبر الصلاح وضاع أي انتشر من ضاع الطيب إذا فاحت رائحته ودار فعل أمر من داري يداري وجهلا جمع جاهل. وقوله وفي البقرة إلخ أمر بإظهار الباء عند الميم من يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ [البقرة: 284]، بالبقرة للمشار إليه بالدال في قوله: دنا وهو ابن كثير بالخلف أي عنه وجهان الإظهار والإدغام، وللمشار إليه بالجيم في قوله جودا بلا خلاف وهو ورش أي عنه الإظهار لا غير وتعين للباقين الإدغام وسكن الناظم الهاء من البقرة ضرورة ودنا قرب.
والجود: المطر الغزير وموبلا من أو بل المطر إذا اشتد وقعه.
هذا الباب أيضا من إدغام حروف قربت مخارجها. وأحكام جمع حكم وإنما جمع لأن للنون الساكنة والتنوين هنا أحكاما من الإظهار والإدغام والقلب والإخفاء، وقد أفردت لهما تصنيفا وقدم الكلام في الإدغام فقال:
وكلّهم التّنوين والنّون أدغموا ... بلا غنّة في اللّام والرّا ليجملا
أخبر أن القراء كلهم يعني السبعة أدغموا التنوين والنون الساكنة المتطرفة في اللام والراء من غير غنة نحو هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة: 2] وثَمَرَةٍ رِزْقاً [البقرة: 25] ولكِنْ لا يَعْلَمُونَ [البقرة: 13] ومِنْ رَبِّهِمْ [البقرة: 5]، وقوله: ليجملا أي ليجملا في اللفظ بهما من غير كلفة وسيأتي بيان الغنة في باب مخارج الحروف.
وكلّ بينمو أدغموا مع غنّة ... وفي الواو واليا دونها خلف تلا
أخبر أن كل القراء السبعة أدغموا النون الساكنة والتنوين في حروف ينمو الأربعة وهي الياء والنون والميم والواو إدغاما مصاحبا للغنة فالياء نحو من يقول وبرق يجعلون والنون نحو من نور ويَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ [الغاشية: 8]، والميم نحو مِمَّنْ مَنَعَ [البقرة: 114] ومَثَلًا ما بَعُوضَةً [البقرة: 26]، والواو نحو مِنْ والٍ [الرعد: 1]، وغِشاوَةٌ [البقرة: 7]، [الجاثية: 23]، ولهم وقوله وفي الواو واليا إلخ أخبر أن خلفا قرأ بإدغام النون الساكنة والتنوين في الواو والياء بدون غنة أي بغير غنة:
وعندهما للكلّ أظهر بكلمة ... مخافة إشباه المضاعف أثقلا
أمر رحمه الله بإظهار النون الساكنة لكل القراء عندهما أي عند الياء والواو وإذا جاءت النون قبلهما في كلمة واحدة نحو الدنيا وبنيان وقنوان وصنوان فلا يدخل التنوين في ذلك لأنه مختص بالأواخر ثم علل بقوله مخافة أشباه المضاعف يعني أن النون الساكنة إذا وقعت
مع الياء والواو في كلمة واحدة وأدغمت النون فيهما فإنه يشبه المضاعف الذي أدغم فيه الحرف في مثله فيصير لفظ صنوان صوان وبنيان بيان فيقع الالتباس ولم يفرق السامع بين ما أصله النون وبين ما أصله التضعيف فأبقيت النون مظهرة مخافة أن يشبه المضاعف في حال كونه ثقيلا والمضاعف هو الذي في جميع تصرفاته يكون أحد حروفه الأصول مكررا نحو حيان ورمان وشبه ذلك.