فأما قول رؤبة1:
لواحق الأقراب فيها كالمقق2
وقولهم "يأجج" و"مأجج"3 و"سكك" فإنما جاز ذلك وإن كان متكررا من قبل أن المكرر معرض في أكثر أحواله للإدغام؛ ألا تراك تقول: فرس أمق4، ومج فوه5، وأجت النار6، وسكة7، والحرفان المتجاوران لا يمكنك إدغام أحدهما في صاحبه حتى تتكلف قبله إلى لفظه، ثم تدغمه، فكانت المشقة فيه أغلظ، فرفض ذلك لذلك، ولأجل هذا ما جاء عنهم في حروف الحلق التي تباعدت عن معظم الحروف، فلم تسطها، نحو المهه، والبحح، والبعع8، والرخخ، وهو السهولة واللين9، ولم يأت عنهم ذلك في المتجاور منها إلا فيما حددناه في أول هذا الفصل؛ ألا ترى أنهم لم يأت عنهم فيها نحو: المهح، ولا البحع، ولا الرخغ لما ذكرت لك.
ولهذا أيضا ما جاء عنهم نحو: الشمم، والخبب10، والحفف11، ولم يأت نحو: السمب، ولا الحبف، ولا الخعم، وذلك أن الصوت إذا انتحى مخرج حرف، فأجرس فيه، ثم أريد نقله عنه، فالأخلق بالحال أن يعتمد به مخرج حرف يبعد عنه ليختلف الصوتان، فيعذبا بتراخيهما، فأما أن ينقل عنه إلى مخرج حرف يبعد عنه ليختلف الصوتان، فيعذبا بتراخيهما، فأما أن ينقل عنه إلى مخرج يجاوره وصدى يناسبه، ففيه من الكلفة ما في نقد الدينار من الدينار ونحو ذلك، ففي هذا إشكال، وفيهما إذا تباعدا من الكلفة ما في نقد الدينار من الدرهم، أو نحو ذلك، وهذا أمر واضح غير مشكل، فلذلك حسن تأليف ما تباعد من الحروف، وكان