وحكي لنا عن الأصمعي أو أبي زيد1 أنهم يقولون: "رجل وَيْلَمَة" للداهية، فاشتقوا وصفا من قولهم "وَيْلُمِّهِ" وأصله "ويل لأمه" وهذا كثير.

وكذلك أيضًا اشتقوا "لبَّيتُ" من لفظ "لبَّيْكَ" فجاءوا في "لبيتُ" بالياء التي هي للتثنية في "لبَّيكَ"، وهذا على قول سيبويه2، فأما يونس3 فزعم أن "لبيك" اسم مفرد، وأصله عنده "لَبّبٌ" ووزنه "فَعْلَل" ولا يجوز أن تحمله على "فَعَّلٍ" لقلة "فعل" في الكلام وكثرة "فَعْلَل" فقلبت الباء التي هي اللام الثانية من "لبَّبٍ" ياء هربا من التضعيف، فصار "لبَّيٌ" ثم أبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصارت "لبَّي" ثم إنها لما وُصلت بالكاف في "لبيك" والهاء في "لبيه" نحو ما أنشدناه أبو علي4:

إنك لو دعوتني ودُوني ... زَوراء ذاتُ مَنزَعٍ بَيُونٍ

لقلتُ: لبَّيْه لمن يدعوني5

قُلبت الألف ياء كما قُلبت في "إلى" و"على" و"لدى" إذا وصلتها بالضمير، فقلت: إليك، وعليك، ولديك. ووجه الشبه بينهما أن "لبيك" اسم ليس له تصرف غيره من الأسماء لأنه لا يكون إلا منصوبًا، ولا يكون إلا مضافًا، فقلبوا ألفه ياء، فقالوا "لبيك" كما قالوا "عليك" و"إليك" و"لديك".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015