وحدثنا أبو علي1، قال: قال أبو العباس: لقي أبو زيد سيبويه، فقال له: سمعت من العرب من يقول "قَرَيتُ" و"توضيت"، فقال له سيبويه: كيف يقول منه يَفعَل؟ فقال: "أَقرأُ". فقال سيبويه: لا، ينبغي أن يقول: "أَقْري".
يريد سيبويه بذلك أن هذا الإبدال لا قوة له، ولا قياس يوجبه، ولو كان على القياس لوجب أن تخرج الكلمة إلى ذوات الياء، فيقول: "أَقْري" كما تقول: "رميت أرمي"؛ ألا ترى أن البدل لما وجب في "جاء" ونحوه جرى لذلك مجرى "قاضٍ" فاعرفه.
ونحو من هذا قول ابن هَرمة2:
إن السباع لَتَهدى عن فَرائسها ... والناسُ ليس بهادٍ شَرهم أَبَدا3
يريد: ليس بهادئ، فأبدل الهمزة ياء ضرورة، وجميع هذا لا يقاس إلا أن يضطر شاعر. وقالوا في "أعْصُرَ" -اسم رجل- "يَعْصُرُ" فالياء بدل من الهمزة، قال أبو علي: إنما سمي أعصر بقوله4:
أبُنَيَّ إن أباك شَيَّبَ رأسَهُ ... كرُّ الليالي واختلافُ الأعصُرِ5