واعلم أنك كما قد تجد هذه المضارعة وهذا التقارب بين الحروف، فقد تجده أيضا بين الحركات، حتى إنك تجد الفتحة مشوبة بشيء من الكسرة أو الضمة منحوا بها إليهما، وتجد الكسرة أيضا مشوبة1 بشيء من الضمة، والضمة مشوبة بطرف من الكسرة، ولا تجد الكسرة ولا الضمة مشوبة بشيء من الفتحة، وسنذكر لم كان ذلك كذلك عقيب هذا الفصل إن شاء الله.
أما الفتحة المشوبة بالكسرة فالفتحة التي قبل الإمالة نحو فتحة عين عابد وعارف، وذلك أن الإمالة إنما هي أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة، فتميل الألف التي بعدها نحو الياء لضرب من تجانس الصوت، فكما أن الحركة ليست فتحة محضة2، فكذلك الألف التي بعدها ليست ألفا محضة، وهذا هو القياس، لأن الألف تابعة للفتحة، فكما أن الفتحة مشوبة، فكذلك الألف اللاحقة لها.
وقد أمالوا أيضا هذه الفتحة وإن لم تكن بعده ألف، فقالوا: من عمرو3 ورأيت خبط رياح4، وقرأ بعضهم: "فإنهم لا يكذبونك" وقرئ أيضا: "وإنا إليه راجعون" و"رأى القمر".
وأما الفتحة الممالة نحو الضمة، فالتي تكون قبل ألف التفخيم، وذلك نحو الصلاة والزكاة، ودعا وغزا، وقام وصاغ، وكما أن الحركة أيضا هنا قبل الألف ليست فتحة محضة، بل هي مشوبة بشيء من الضمة، فكذلك الألف التي بعدها، ليست ألف محضة، لأنها تابعة لحركة هذه صفتها، فجرى عليها حكمها.
وأما الكسرة المشوبة بالضمة فنحو قيل وبيع، وغيض5، وسيق. وكما أن الحركة قبل هذه الياء مشوبة بالضمة، فالياء بعدها مشوبة بروائح الواو، على ما تقدم في الألف.